هجوم داعش بسيناء.. محاولات لإثبات الوجود

أثناء تشيع جثمان أحد قتلى الجيش المصري (رويترز)

من جديد ظهر تنظيم داعش على الساحة المصرية بعد أن نفذ يوم السبت الماضي عملية إرهابية استهدفت نقطة رفع مياه غرب سيناء شرق قناة السويس، ما أسفر عن مقتل 11 عسكرياً مصرياً.

ويسعى التنظيم الإرهابي إلى اثبات وجوده، بعد أن انهكته العمليات العسكرية سواء في مصر أو البلدان الأخرى التي ينشط فيها، في وقت تعاني فيه مصر من ظروف اقتصادية سيئة.

ووفق خبراء متخصصون في شؤون الجماعات المسلحة، فالعملية الداعشية تعد تطور لافت لمكان جديد بدأت تنشط فيه الخلايا النائمة للتنظيم، بعد أن تمكنت العملية العسكرية الشاملة التي انطلقت في عام 2018 من النيل من التنظيم بشكل ملحوظ.

ويوم الأحد الماضي، أفاد بيان متداول لوكالة أعماق التابعة لتنظيم داعش، بأن عناصر تابعة للتنظيم قاموا بهجوم مباغت وسريع بغرب سيناء، في أول ظهور عملياتي للتنظيم بهذه المنطقة.

وتحدث البيان عن استخدام هذه العناصر رشاشات خفيفة ومتوسطة، مهدداً باستمرار العمليات.

وهذا الحديث يشير إلى تراجع تسليح عناصر التنظيم، التي كانت تستخدم أسلحة ثقيلة في عملياتها على مدار سنوات.

وجاء إعلان داعش بعد ساعات من اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وإصدار توجيه للجيش والشرطة باستكمال تطهير مناطق في سيناء من الإرهاب.

ورسميا، لم تشهد سيناء منذ أغسطس/آب 2021 أي مواجهات مسلحة عقب مقتل 9 عسكريين و13 إرهابيا خلال تحرك عسكري لمكافحة الإرهاب آنذاك.

وتراجعت، وفق مراقبين، العمليات الإرهابية في هذه المنطقة خلال العامين الماضيين، لاسيما مع بدء ضخ استثمارات تنموية وعودة مواطنين لمساكنهم بعد هدوء الأوضاع.

سيناريوهان للهجوم

من جانبها قالت الناشطة المصرية الحقوقية داليا زيادة المتخصصة في ملفات الجماعات المسلحة: "الهجوم الإرهابي على نقطة رفع مياه في غرب سيناء يمثل تحولا لافتا في سلوك الجماعات الإرهابية التي تسكن شبه الجزيرة المصرية الضخمة منذ عام 2013".

لكن زيادة شككت -في مقال رأي- في صحة تبني داعش الهجوم، ورجحت احتمالية أنه يحاول ربما استعادة صورة التنظيم في أعين داعميه ومموليه.

وأوضحت أن هذه هي المرة الأولى منذ عام 2013 التي تشهد هجوما إرهابيا مميتا بالقرب من المنطقة الاستراتيجية الاقتصادية لقناة السويس في نقطة بعيدة بغرب سيناء عن المسرح التقليدي للتنظيمات الإرهابية طيلة السنوات السبع الماضية في شمال شرق سيناء دون أي تمدد خارجها.

ورجحت سيناريوهين لهذا التحول اللافت، أولهما انتقال جماعات إرهابية من المنطقة الشمالية الشرقية إلى نظيرتها الغربية لشن الهجوم، لكنها استبعدته نظريا لصعوبة حركة عناصر تلك الجماعات في مسافة تصل إلى 300 كليو متر، مع سهولة اصطيادهم أمنيا.

وافترضت في السيناريو الثاني "ظهور جماعة إرهابية جديدة في غرب سيناء (..) مع تنسيق بطريقة ما مع التنظيمات الإرهابية الموجودة في شمال شرق سيناء، بأهداف غير رئيسية مختلفة عما سبق، وهي إتلاف مرافق ذات أهمية استراتيجية للاقتصاد المصري".

ودعمت هذا السيناريو بالقول: "ربما لم يكن مصادفة أنه قبل أسبوع من مهاجمة نقطة رفع المياه شرقي قناة السويس، قام مسلحون مجهولون بتفجير أنبوب غاز (أوائل مايو الجاري) يمر عبر بلدة بئر العبد شمال سيناء"، داعية إلى التحقق من هذا السيناريو وأهدافه ووضعه في الاعتبار عند المواجهة.

محاولة إثبات وجود

فور الهجوم، قال الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية الحكومي أحمد كامل البحيري في تصريحات متلفزة إن العملية لم تأت صدفة.

واعتبر أنها محاولة إثبات تواجد من بقايا التنظيم الإرهابي عقب تقدم نوعي خلال الشهور الثلاثة الأخيرة تسبب مؤخرا في مقتل أحد أهم قيادات التنظيم بسيناء، وهو أبو عمر الأنصاري وستة آخرين.

ولفت إلى أنه منذ 2018، مع انطلاق العملية العسكرية الشاملة، حدثت تباطئ شديد جدا في قوة التنظيم وعملياته وعددها ومستهدفاتها، مقارنة بتنفيذ عمليات كبرى قبلها، والعملية الأخيرة دليل انحسار وليست بقوة وتكتيكات عمليات كبيرة سابقة.

فيما قال الباحث المصري في شؤون الجماعات ماهر فرغلي، في تصريحات متلفزة، إن تلك العملية واستهداف محطة مياه يتزامن مع التنمية بسيناء، وهو أمر يرفضه التنظيم لأنه يعيش على عزلة سيناء ويتمنى عدم وجود تضافر شعبي سيناوي مع القيادة ولا استشعار بالتنمية.

وأضاف فرغلي أنه من الواضح من العملية أنها لإثبات الوجود بعد ضربات كبيرة، ولذا تمت خاطفة ومن مجموعات متناثرة وأقرب لخلية.

تحدٍ جديد

أما الأكاديمي المصري في الشؤون السياسية خيري عمر فقال للأناضول إن العملية العسكرية بسيناء عام 2018 لعبت دورا واضحا في تفكيك التنظيمات العنيفة في مناطق شمال شرق سيناء، وبعد نجاحها تم إعادة السكان إليها مؤخرا.

وتابع عمر، وهو أيضا خبير في شؤون الجماعات المسلحة، أن "هذه العملية في شرق قناة السويس بغرب سيناء تمثل نوعا آخر من التحول العملياتي والمخاطر يتطلب التصدي له حتى لا يتنقل إلى مناطق أخرى في غرب منطقة السويس الحيوية والاستراتيجية".

وأردف عمر: "المجلس الأعلى للقوات المسلحة انعقد ودرس لاشك خريطة الاحتمالات وبناء على تقديرات قرر استئناف العملية (العسكرية) لإجهاض المحاولات المحتملة لتحرك هؤلاء الأفراد في سيناء أو غيرها".

وأكد أنه مع بدء العملية الشاملة تم التعامل مع مخططات لتلك الجماعات، وجرى إحباط كثير منها كما هو ملموس نتائجه منذ فترة.

واستدرك: "لكن العملية الأخيرة تشكل تحديا جديدا يتطلب التصدي له حتى لا يُعاد إنتاج عدم الاستقرار في سيناء وتتكون فقاعة أو بؤرة مزمنة جديدة".

واعتبر أنه من الصعب رصد دلالة التوقيت لدى تلك الجماعات الغامضة التي تتحرك عادة عندما تجد الفرصة سانحة.

وتابع: "لكن بشكل أولي ربما تتزامن مع وقت متأزم عالميا في الشق الاقتصادي وبعد وقت قصير من أحاديث شبه رسمية بقرب القضاء على الإرهاب في سيناء".

وعن حديث التنظيم الإرهابي عن استخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة واحتمال تراجع تسلحيه، قال عمر: "كل شيء وارد فهي عصابات والعمليات العسكرية منذ 2018 أنهكتهم بشكل كبير للغاية، وربما ما نراه حاليا خلية نائمة وبقايا لا أكثر".

واختتم بأن استئناف العملية العسكرية في سيناء، والذي جرى بتوجيه رئاسي، سيعزز من القضاء على بقايا التنظيم وإن استغرق وقتا إضافيا، قياسا على ما تم بحق التنظيم الذي كان أكثر عتادا وأفرادا وتواجدا وتلاشي تواجده.

Bu web sitesinde çerezler kullanılmaktadır.

İnternet sitemizin düzgün çalışması, kişiselleştirilmiş reklam deneyimi, internet sitemizi optimize edebilmemiz, ziyaret tercihlerinizi hatırlayabilmemiz için veri politikasındaki amaçlarla sınırlı ve mevzuata uygun şekilde çerez konumlandırmaktayız.

"Tamam" ı tıklayarak, çerezlerin yerleştirilmesine izin vermektesiniz.