يُحيي الفلسطينيون في شتى بقاع الأرض، اليوم الثلاثاء، الذكرى السنوية الـ 104 لوعد بلفور، الذي منحت بموجبه بريطانيا أرض فلسطين "التي لا تملكها"، للحركة الصهيونية "التي لا تستحقها"، وذلك لإقامة وطن قومي لهم.
وعد بلفور
في 2 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1917، بعث وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر جيمس بلفور، رسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية، جاء في نصها "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل عظيم جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية".
تزامنت هذه الرسالة -التي عرفت فيما بعد بوعد بلفور- مع احتلال بريطانيا لكامل أراضي فلسطين التاريخية خلال الحرب العالمية الأولى، وبعد مرور عام، أعلنت كل من إيطاليا وفرنسا موافقتها على محتوى الرسالة، لتتبعها بعد ذلك موافقة أمريكية رسمية عام 1919، ثم يابانية في نفس العام.
وزعم بلفور في رسالته، أن بلاده ستحافظ على حقوق القوميات الأخرى المقيمة في فلسطين، وهو ما لم تلتزم به.
فخلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين (1917-1948) عملت لندن على استجلاب اليهود من كافة أنحاء العالم، وقدمت لهم الدعم الرئيسي لتأسيس وطنهم، الذي عرف فيما بعد بدولة إسرائيل.
صحيفة "الغارديان" البريطانية
في 7 مايو/أيار الماضي، نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالا افتتاحيا بمناسبة المئوية الثانية لتأسيسها، قالت فيه إن إسرائيل ليست الدولة التي توقعتها أو كانت تريدها، وأن دعم بريطانيا لهذا الوعد كان من أسوء أخطائها.
وأوضحت الصحيفة أن تأييدها لهذا الوعد واحتفائها به ساعد في تسهيل تنفيذه، لافته إلى أن رئاسة تحريرها ناصرت آنذاك الصهيونية، الأمر الذي أعماها عن حقوق الفلسطينيين.
بريطانيا شريك لإسرائيل في المجازر
وحمل محمد أبو هاشم، الباحث القانوني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بريطانيا وإسرائيل المسؤولية المباشرة عن كل المجازر التي ارتكبت ضد الفلسطينيين بالأراضي المحتلة.
مضيفا "إن وعد بلفور تُرجم بمساعدة العصابات الصهيونية وإمدادها بالسلاح، ما تسبب بعشرات المذابح بحق الفلسطينيين".
وأوضح أن وجود الاحتلال جريمة مستمرة والعدوان الإسرائيلي أحد الجرائم الدولية التي يدينها القانون الدولي.
وذكر أبو هاشم أن الوعد يتناقض مع كل مبادئ القانون الدولي الذي ينظم العلاقات بين الدول، خاصة مبدأ عدم جواز ضم أراضي دول أخرى، أو الاعتداء عليها.
وأردف "في الحقيقة هذا الوعد صدر قبل صدور ميثاق الأمم المتحدة عام 1945، ولو صدر الوعد هذه الأيام لصُنف -بحسب القانون الدولي- من الأفعال التي تهدد الأمن والسلم الدوليين".
وطالب الباحث الفلسطيني بتنظيم حملة للضغط على بريطانيا للاعتذار عن هذا الوعد.
استمرار الانتهاكات بحق الفلسطينيين
ويرى مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن الذكرى السنوية لوعد بلفور، تأتي في ظل تعرض القضية الفلسطينية لمجموعة من المخاطر.
وقال: "إن اختلاف موازين القوى بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتعنت الأخيرة فيما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية، والحالة العربية المتراجعة، كلها تشكل عوامل خطر، تحدق بالقضية".
وأشار إلى أن حالة التراجع العربي الكبير، بعد انخراط عدد من الدول في تطبيع علاقتها مع إسرائيل، أضعفت الموقف الفلسطيني.
وأردف: "التطبيع مع إسرائيل أمر خطير على صعيد القضية، خاصة وأنه يُعطي إسرائيل شرعية ويضعف الموقف الفلسطيني".
ودعا الكاتب إلى إنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس، والوصول لمصالحة حقيقة، لمواجهة هذا المخاطر بشكل موحد، حيث يراها أنها أفضل سُبل لخروج الفلسطينيين من هذه الأزمة.
واختتم كلامه بأن كل الظروف المحيطة بالقضية الفلسطينية، تسبب انعدام وجود أي بارقة أمل في اتجاه إقامة الدولة المستقلة، لا سيما في ظل عدم رغبة إسرائيل في التوصل إلى تسوية لحل الصراع.
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، أن إقامة دولة فلسطينية يعني جلب دولة إرهابية على بعد 7 دقائق من بيته (بمدينة رعنانا)، ومن أي نقطة في إسرائيل.
ويرى محللون سياسيون أن الشعب العربي ما زال رافضا لحالة التطبيع مع إسرائيل، بخلاف بعض حكوماته التي طورت علاقاتها تل أبيب، خاصة العام الماضي 2020، إذ وقعت الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل لتنضم إلى مصر والأردن و20 دولة عربية أخرى.