في الذكرى العاشرة لصفقة "شاليط".. هل نشهد صفقة تبادل أسرى قريبا؟
- ديلي صباح, إسطنبول
- Oct 18, 2021
تُحيي الفصائل الفلسطينية اليوم الذكرى العاشرة لصفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل التي عقدت عام 2011، وبموجبها أفرج عن الجندي جلعاد شاليط، مقابل الإفراج عن 1027 معتقلاً فلسطينياً وذلك برعاية مصرية.
من جانبها وجهت كتائب عز الدين القسام بهذه المناسبة رسالة مقتضبة للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية تقول "أسرانا.. اقترب موعد حريتكم"، في إشارة إلى قرب تنفيذ صفقة تبادل جديدة، في ظل وجود أربعة أسرى إسرائيليين محتجزين لدى حركة حماس.
وكان موسى أبو مرزوق القيادي بحركة حماس أعلن سابقا بدء مفاوضات مع القاهرة بشأن إنجاز صفقة تبادل أسرى جديدة مع إسرائيل، موضحا أنها ستشمل النساء والأطفال ومن أمضوا أكثر من 30 عاما بالسجون، إضافة إلى الأسرى الستة الذين فروا من سجن جلبوع في شهر سبتمبر/أيلول الماضي.
تفاصيل عملية الوهم المتبدد (أسر شاليط):
الوهم المتبدد هو الاسم الحركي لعملية أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، التي نُفذت عام 2006، عن طريق تعاون مشترك بين ثلاثة فصائل من المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة.
أضحت هذه العملية كابوساً لاحق الاحتلال الإسرائيلي لسنوات طويلة، إذ أثبتت فشل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، وعدم تمكنه من الوصول لأي معلومة بخصوص الجندي الأسير لدى حماس لأكثر من 5 سنوات، كما أثبتت فشل تل أبيب عسكريا وسياسيا، ما أجبرها على الخضوع لشروط المقاومة.
ففي يوم 25 يونيو/حزيران عام 2006، انطلق سبعة مقاومين ينتمون لكتائب عز الدين القسام وجيش الإسلام وألوية صلاح الدين لتنفيذ عملية تهدف لأسر جندياً إسرائيلياً بالقرب من معبر كرم أبو سالم، إضافة لقتل من فيه، وذلك ردا على عمليات اغتيال نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق عدد من قيادات المقاومة.
ويقول المقاومون إنهم جهزوا للعملية قبل ما يقرب من عام من تنفيذها، فحفروا نفقا بطول 400 متر وعمق 9 أمتار تحت الأرض يمتد من قطاع غزة حتى المعبر الحدودي مع إسرائيل.
ويوم العملية، قسم المقاومون أنفسهم لثلاثة مجموعات لتنفيذ أعمال مختلفة، إلا أن عمل المجموعة الثانية هو الأهم حيث نجحت في مهاجمة دبابة إسرائيلية بالصواريخ وألقت قنابل بداخلها، ما أدى إلى مقتل قائدها وجندي آخر وأصيب ثالث فيما أسر الجندي الرابع جلعاد شاليط.
وبعد الانتهاء من العملية، عاد من تبقى من المقاومين -إذ استشهد عددا منهم- إلى القطاع من فوق الأرض وليس من الأنفاق، إلا أنهم اختفوا فجأة عن الأنظار، ولم يتبق لهم أثر.
الرد الإسرائيلي:
أقرت إسرائيل بتنفيذ عملية قرب معبر كرم سالم الحدودي مع قطاع غزة، واصفه إياها "بالعملية النوعية"، وقالت إن من قاموا بتنفيذها هم جنود في جيش منظم ومدرب على أعلى مستوى.
بينما نشرت صحيفة معاريف العبرية في اليوم الذي تلى العملية بأن هناك خلافات حادة نشبت بين جهاز الأمن الإسرائيلي "الشباك" وقيادات الجيش بسبب ما وصفته بالفشل الاستخباراتي، حيث أعلن الشباك أنه قدم معلومات إلى الجيش حول قتل عدد من الجنود، وإصابة آخرين عند معبر كرم سالم، لكن الجيش لم يأخذها بعين الاعتبار، في محاولة من الشباك للتنصل من المسؤولية.
من جانبه عقب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت وحمل السلطة الفلسطينية ورئيس الوزراء إسماعيل هنية المسؤولية عما حدث.
محاولات إسرائيل لإيجاد الجندي الأسير:
على مدار ست سنوات منذ عام 2006 حتى عام 2011، سخرت إسرائيل كل إمكانيتها التكنولوجية والعسكرية والاستخباراتية للوصول إلى أي معلومة عن الجندي الأسير جلعاد شاليط.
فبدأت عملية البحث بسلك الطريق الذي عبره المقاومون في محاولة لإيجاد الأنفاق التي خرجوا منها لكنها لم تجد أي أثر، كما فتشت حاويات القمامة بحثا عن ضمادات جروح اعتقادا منها أن شاليط جُرح، لكنها لم تجد أي خيط للوصول إليه.
ولجأت إلى نشرت عدد من العملاء بين المواطنين، لكن استخبارات المقاومة نجحت في اكتشاف بعضهم بينما قام آخرون بتسليم أنفسهم، معترفين أن إسرائيل كلفتهم برصد أي تحركات يمكن أن توصل لشاليط، إضافة لقيام الأجهزة الإسرائيلية بوضع أجهزة تنصت عالية الدقة على الشريط الحدودي مع القطاع لكن كل محاولتها باءت بالفشل.
ما لفت الأنظار آنذاك، قيام تل أبيب بمحاولة إغراء سكان قطاع غزة بمكافأة مالية كبيرة لمن يدلي بمعلومات عن الجندي الإسرائيلي، لكن لم يتجاوب معها أحد، بل وسخر السكان منها آنذاك عن طريق إعطاء معلومات مضللة.
حاولت إسرائيل خطف قيادات من كتائب عز الدين القسام، في محاولة لنزع اعترافات منهم حول مكان شاليط لكنها فشلت في هذه العملية أيضا.
في عام 2008-2009، شنت إسرائيل حرباً شرسة على قطاع غزة قال الخبراء الأمنيون حينها إن إسرائيل كانت تسعى إلى قتل شاليط، لتقليل الثمن الذي ستدفعه إذا فشلت الأقمار الاصطناعية والعمليات الاستخباراتية في الوصول إليه.
كل ذلك يثبت فشل إسرائيل في مقابل نجاح المقاومة الفلسطينية في الاختبار الأمني الصعب الذي وضعت فيه، وأخيرا خضعت إسرائيل لشروط المقاومة.
الإفراج عن أسيرات مقابل معلومة عن شاليط:
فعلياً، بدأت الصفقة مع إسرائيل في أكتوبر عام 2009 حين أفرج عن 20 أسيرة مقابل شريط مصور للأسير جلعاد شاليط، يؤكد أنه ما زال في قيد الحياة، ويتمتع بصحة جيدة.
استمرت المباحثات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل عن طريق مصر لإنجاز الصفقة، وهو ما تحقق بعد عامين من اللقاءات المكثفة في القاهرة.
إعلان حماس عن صفقة تبادل أسرى:
في صباح يوم الثلاثاء 18 أكتوبر، أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، والناطق باسم كتائب عزالدين القسام أبو عبيدة، أن المقاومة نجحت في التوصل إلى صفقة تبادل وصفتها بالمشرفة، وأرغمت الاحتلال على الإفراج عن أسرى وأسيرات معظمهم من أصحاب الأحكام المؤبدة.
وتمت الصفقة على مرحلتين الأولى في 18 أكتوبر/تشرين الأول، أفرج خلالها عن 477 أسيرا، بينما تم تنفيذ المرحلة الثانية في 18 ديسمبر/كانون الأول من نفس العام ليفرج عن 550 أسيراً آخر.
تسليم الجندي الإسرائيلي إلى الاستخبارات المصرية:
في صباح ذلك اليوم المذكور سابقا، نظمت كتائب عز الدين القسام موكب سيارات رباعية الدفع، متطابقة الشكل اتجهت إلى معبر رفح الحدودي مع مصر، وكان شاليط في إحداها، وفي تمام الساعة 10.05 صباحا تم تسليمه إلى الاستخبارات المصرية.
وبعدما تأكد الاحتلال من أن المفرج عنه شاليط أفرج عن نصف الأسرى، من جانبه تحفظ الجانب المصري على شاليط لحين الإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين وتنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة، وبعدها سلم الجندي الإسرائيلي إلى بلاده.