رأى مرشحون لانتخابات مجلس الشورى القطري أنها تجربة أولى من نوعها وأن من شأنها تعزيز منظومة الحكم الرشيد بجناح تشريعي يراقب مختلف الدوائر الحكومية، متأملين أن تكون مثالا يحتذى به في منطقة الخليج.
وفي تصريحات منفصلة لمراسل الأناضول بالدوحة، اتفق مرشحون للانتخابات البرلمانية، المقررة في 2 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، على أن مجلس الشورى المنتخب سيعزز، في أول دورة تشريعية له، مبدأ المشاركة الشعبية في صنع القرار.
وتتواصل، منذ 15 سبتمبر/ أيلول الجاري، حملات دعاية تستمر أسبوعين ضمن أول انتخابات برلمانية يشهدها البلد الخليجي.
ويتنافس 284 مرشحا، بينهم 28 امرأة، في 30 دائرة انتخابية، للفوز بـ30 مقعدا من إجمالي 45، يعين أمير البلاد الباقي منهم.
** جسر بين المواطن والدولة
يقول المرشح عن الدائرة العاشرة (الدوحة الجديدة) ناصر حسن فرج الأنصاري، إن "التجربة ستكون رائدة عبر التفاهم المباشر بين رغبات المواطن والحكومة".
وأضاف الأنصاري، "سيكون المجلس المنتخب جسرا يربط بين المواطن والدولة، والكثيرون يعولون عليه للارتقاء بالواقع الحالي".
وتابع: "قطر تشبه الجوهرة التي يجب تلميعها بشكل دائم ليكون بريقها متواصلا، وهذا يتطلب التحديث باستمرارية واستصدار تشريعات مختلفة، حتى يكون هناك عطاء واستكمال للنمو الاقتصادي الذي شهدته البلاد خلال العشرين عاما الماضية".
وأشار الأنصاري، إلى أن "كل المواطنين، سواء مرشحين أو ناخبين، في تفاعل اجتماعي كبير، ونتمنى أن يكون هناك اختيار مناسب ليستطيع النائب تقديم خبراته سواء في القطاع العام أو الخاص، ليضيف التشريعات والقوانين".
وأردف "سيكون المجلس الأول ركيزة للدورات القادمة".
** خطوة جريئة لترسيخ الديمقراطية
واعتبر محمد يوسف المانع، مرشح الدائرة الـ13 (فريج النجادة) أن "التجربة الأولى للدولة في إجراء انتخابات لسلطة تشريعية تساهم في صناعة القرار بشكل مباشر يعزز مشاركة المجتمع عبر ممثليه في مجلس الشورى مع الحكومة".
ووصف التوجه، لأول مرة، نحو إجراء انتخابات مجلس الشورى بـ"الخطوة الجريئة"، التي تحسب لأمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
واعتبر هذه الخطوة "مهمة لتعزيز المشاركة السياسية في صناعة القرار مع المواطنين عبر الأعضاء المنتخبين، وترسيخ جذور التجربة الديمقراطية التي تبدوا فريدة في المنطقة".
وأشار إلى وجود تفاعل كبير من مختلف شرائح المجتمع منذ اليوم الأول للإعلان عن تنظيم الانتخابات، وحتى موعد إعلان القوائم النهائية للمرشحين.
واستدل المانع على ذلك من خلال الزخم الجماهيري الذي تشهده مختلف الدوائر الانتخابية، وكذلك منصات التواصل الاجتماعي، التي عكست ردود فعل يمكن وصفها بـ "المتميزة" مع أول تجربة ديموقراطية من هذا المستوى.
وأضاف "وفقا للمؤشرات الأولية للتنافس، فإن ردود الفعل حتى الآن إيجابية، وتؤكد بأن التجربة بكل ما فيها تشكل حدثا تاريخيا ستتذكره الأجيال لاحقا، وستعمل الجهات ذات العلاقة على دراسة كل مخرجات هذه التجربة".
** تسهيل اتخاذ القرار:
فيما يرى المرشح عن الدائرة الـ15 (الوكرة جنوبا) خالد عمران القُبيسي، أن "إشراك المواطنين بشكل أكبر في اتخاذ القرار ووضع القوانين والتشريعات وتعديلها وتغييرها خطوة هامة جدا، تدل على الجهود الجدية للقيادة والشعب معا لتحقيق رؤية قطر في الانفتاح وتطوير الدولة".
ولفت القبيسي، إلى أن "إشراك الشعب في اتخاذ القرارات وسن القوانين من أهم الإيجابيات بالنسبة لصلاحيات المجلس".
وقال "سنرى قوانين أكثر تصب في مصلحة المواطن، وتلبي احتياجاته التي لم تكن تظهر للعيان دائما في السابق".
وأضاف أن "الانتخابات خطوة مهمة في إطار مساعي قياداتنا لتعزيز الديمقراطية، من خلال توسيع مشاركة الشعب في العملية السياسية، كما أنها خطوة تعزز تقاليد الشورى، وتطور عملية التشريع بمشاركة أوسع من المواطنين".
وأوضح أن "وجود المجلس سيسهل على الحكومة اتخاذ القرارات الصحيحة لصالح المواطن".
وحول تفاعل المجتمع مع الانتخابات، قال القبيسي، "كونها التجربة الأولى من نوعها للشعب، فهو يتابعها بدقة، ويتفاعل مع الحدث بشكل كبير".
وتوقع "إقبالا كبيرا على التصويت، فبالنهاية الشعب يصوت لأبنائه ومن يثق بهم لإيصال صوته".
وعن انعكاسات الانتخابات على المنطقة الخليجية يرى القبيسي، أن "هذه الخطوة ستؤثر في قرارات الدول المجاورة في تفعيل دور مجالس الشورى، وتوسيع مشاركة شعوبها في اتخاذ القرار، خصوصا بعد نجاح التجربة في بلادنا".
** تعزيز الأداء الحكومي
ويقول المرشح عن الدائرة الـ29 (الخرسعة وأمهات صوى والعونية) محمد سعيد الهاجري، إن مجلس الشورى المنتخب في أول دورة تشريعية له يعتبر "من الخطوات الإيجابية الرامية إلى تعزيز مبدأ المشاركة الوطنية في صنع القرار".
وأردف الهاجري، "كما يؤكد على أن قطر تسير بمنهجية تشريعية متدرجة مدروسة مما يساهم في تحقيق رؤيتها الاستراتيجية 2030".
ويوضح في هذا الإطار أن "مجلس الشورى بما أنه جاء وفقا للفصل الثالث من الدستور كسلطة تشريعية، فإن من أهم إيجابياته تخفيف العبء عن كاهل الدولة، خاصة في مراجعة وسَن وتعديل التشريعات، والتصويب الأمثل للأداء الحكومي".
وشدد على أنه "بهذه الخطوة، تثبت قطر أن المشاركة الديمقراطية مبدأ راسخ ومرتكز أساسي للعدل والحكم في البلاد، وأنها دولة مؤسسات".
وحول التفاعل الشعبي مع الانتخابات، قال الهاجري، القطريون "مجتمع واعٍ ومنفتح ومثقف ومتفاعل مع هذه المرحلة بشكل كبير، بل قبل هذه المرحلة وخاصة عندما صوت بالإجماع على دستور 2003، والذي تمت المصادقة عليه عام 2004".
ولفت إلى المجتمع القطري، "متماسك ومحب لقيادته وملتحم بها التحاما وثيقا، وما شهدناه من إقبال في مرحلة تسجيل قيد الناخبين لمجلس الشورى يؤكد على التفاعل الإيجابي، بل يعطي مؤشرات نجاح مسبقة".
واعتبر انتخابات مجلس الشورى "تجربة رائدة في المنطقة، ونفخر ونعتز بها، وستكون مثالا يحتذى به ويقاس عليه".
** ليست قفزة في الظلام:
فيما يقول عمر عبد العزيز المرواني، المرشح عن الدائرة السابعة (الجسرة) أن انتخابات مجلس الشورى استندت على خطاب الأمير تميم، في فاتحة أعمال الدورة الـ48 لمجلس الشورى، "حيث أعلن استكمال المتطلبات الدستورية لانتخاب أعضاء المجلس، وممارسة اختصاصاته التشريعية بموجب الدستور".
وأضاف المرواني، "بهذا القرار حدث التحول المطلوب، إذ أصبحنا أمام ممارسة تشريعية دستورية معتمدة على مجلس منتخب".
واعتبر أن هذه الخطوة "تنسجم مع توجهات الانفتاح والالتزام بدولة المؤسسات والقانون والعمل المؤسسي، وهذا الانفتاح المحسوب يرفع من مكانة الدولة خارجيا، ويفتح مجالات التعاون وتبادل الخبرات مع دول سبقتنا في هذا المجال".
وقال المرواني، إن البلاد توجد "على تصنيفات عالية في مجالات الشفافية والحكم الرشيد ومحاربة الفساد وجرائم المال والالتزام بالقانون على مستوى العالم".
وتابع "قدمت هذه التصنيفات مؤسسات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، ولا شك أن تجربة مجلس الشورى المنتخب بمفهومه الدستوري والقانوني قطعاً سوف يعزز هذه التصنيفات، ويرفع من مكانة البلاد لدى المجتمع الدولي."
وأوضح المرواني، أن "الالتزام بالقانون وممارسة الرقابة على الجهاز الإداري ستؤدي إلى تطوير الأداء وتجويد العمل ومحاصرة الإخفاقات".
وأردف "هذا ما ترجوه القيادة وأقامت له العديد من المؤسسات مثل هيئة الرقابة والشفافية، وديوان المحاسبة وغيرها، لكن كل ذلك يحتاج إلى دعم دستوري ليصبح قضية مجتمع محمية بالقانون والدستور مما يعزز من النتائج."
وأضاف المرواني، "من يلحظ التطور الدستوري في البلاد لا يرى أن التجربة صعبة أو تواجهها معوقات، بل في الواقع إن الدولة حولت هذه التحديات إلى فرص".
وقال المرواني، ان" انتخابات مجلس الشورى، استمرار مسيرة لخطوات عديدة من الإصلاح، سبقها إجراء أول انتخابات لغرفة التجارة والصناعة في 1997، ثم انتخابات المجلس البلدي التي تركزت في الخدمات، كان لها دور كبير في وضع لبنات أولية للعمل النيابي".
واعتبر أن "مستقبل تجربة مجلس الشورى في أمان، لأنها ليست قفزة في الظلام، بل نتاج تطور موضوعي ومجتمعي ناجح".
ولفت إلى وجود تفاعل جيد مع انتخابات مجلس الشورى، ورغم وجود مخالفات قانونية محدودة غير مقصودة في بداية الأمر من قبل بعض المرشحين، كونها التجربة الأولى في الحملات الانتخابية، إلا أن العملية سارت بمستوى طيب بعد ذلك.