أعلنت الجزائر، الثلاثاء، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع جارها المغرب؛ جراء ما قالت إنها "سلسلة مواقف وتوجهات عدائية" تجلت في 3 تطورات خلال الأسابيع الأخيرة.
ولم يتسن على الفور الحصول على تعقيب من السلطات المغربية، لكن الرباط دعت الجزائر مرارا إلى طي صفحة الخلافات بين البلدين.
وقال وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، في مؤتمر صحفي، إن بلاده قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، بداية من اليوم (الثلاثاء)؛ بسبب "سلسلة مواقف وتوجهات عدائية" ضدها من جانب المسؤولين في الرباط.
وأضاف لعمامرة أن القرار لن يلحق ضررا بالمواطنين في البلدين؛ لأن الإدارات القنصلية ستواصل التكفل بأوضاعهم.
وتابع أن بلاده انتظرت، منذ 16 يوليو/ تموز الماضي، توضيحا رسميا من القيادة المغربية بشأن تصريحات لمندوبها لدى الأمم المتحدة "تعدى فيها على سيادة الجزائر"، بحديثه عن دعم استقلال منطقة القبائل، على حد قوله.
وأردف: كنا ننتظر جوابا: هل كلام الدبلوماسي المغربي يلزمه كشخص أو المملكة كدولة جارة، لكن لم يأت جواب، وضاعت الفرصة، وهو ما عجل بالقرار الجزائري (قطع العلاقات).
واعتبر أن "صمت النظام المغربي يعكس بوضوح الدعم السياسي لهذا الفعل".
ورأى أن المغرب أصبح "قاعدة خلفية لدعم سلسلة الاعتداءات الخطيرة ضد الجزائر، وآخرها اتهامات باطلة ضد الجزائر من وزير خارجية إسرائيل، بحضور نظيره المغربي وبتحريض منه".
وخلال زيارته الرباط، في 11 أغسطس/ آب الجاري، أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، عن قلق بلاده مما قال إنه دور الجزائر في المنطقة وتقاربها الكبير مع إيران.
وهاجم لابيد الجزائر أيضا بسبب شنها حملة، مع دول عربية أخرى، ضد قرار الاتحاد الإفريقي، مؤخرا، قبول إسرائيل بصفة مراقب في المنظمة القارية.
كما تحدث لعمامرة عما قال إنه "تعاون موثق للمملكة (المغربية) مع منظمتين تصنفهما الجزائر كمنظمتين إرهابيتين وهما: ماك (الحركة من أجل استقلال القبائل) ورشاد (توجه إسلامي)، واللتان ثبت حسبه تورطهما في حرائق الجزائر الأخيرة (في الغابات)".
وأردف: الجزائر كانت صبورة مع هذه التطورات الدرامية للعلاقات خلال الآونة الأخيرة، على أمل أن يراجع المسؤولون المغاربة حساباتهم، لكن ذلك لم يحدث.
** إسرائيل والاتحاد الإفريقي
وقال لعمامرة إن أغلبية الدول الإفريقية وخاصة المغاربية، باستثناء المغرب، عارضت قرار مفوضية الاتحاد الإفريقي قبول إسرائيل كعضو مراقب في الاتحاد.
وأضاف أن المنظمة القارية ستواصل دعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، وعاصمتها القدس الشريف.
وفي 2020، وقع المغرب وإسرائيل اتفاقية لاستئناف العلاقات بينها، ليلحق بثلاث دول عربية أخرى، هي الإمارات والبحرين والسودان، وقعت العام الماضي اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ومن أصل 22 دولة عربية، تقيم 6 دول فقط علاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وهي تلك الدول الأربع إضافة إلى مصر والأردن، اللتين وقعتا اتفاقيتي سلام مع تل أبيب في 1979 و1994 على الترتيب.
** أزمة تونس
وبشأن زياراته المتكررة لتونس، قال لعمامرة إن بلاده تساند جارتها الشرقية في أزمتها الراهنة، و"تقف معها ضد أي تدخل خارجي لفرض خيارات عليها".
وتعاني تونس أزمة سياسية حادة منذ 25 يوليو/ تموز الماضي، حين قرر رئيسها قيس سعيد تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإقالة رئيس الحكومة، هشام المشيشي، على أن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسيها، ولاحقا أصدر أوامر بإقالة مسؤولبين وتعيين آخرين.
ورفضت غالبية الأحزاب التونسية هذه القرارات الاستثنائية، واعتبرها البعض "انقلابا على الدستور"، بينما أيدتها أحزاب أخرى رأت فيها "تصحيحا للمسار"، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وصحية (جائحة كورونا).
وتابع لعمامرة: هناك أصوات من هنا وهناك لفرض خيارات على التونسيين، ونحن نرفع صوتنا لرفض ذلك، ولدينا ثقة في الدولة والشعب التونسيين، وواثقون بأن الشعب التونسي سيتجاوز هذه المرحلة الدقيقة في أقرب وقت ممكن.
** سد "النهضة"
وبخصوص تحركات الجزائر الدبلوماسية في ملف أزمة سد "النهضة" الإثيوبي، قال لعمامرة إنها تأتي ضمن وساطات أخرى جارية، وتمثل استجابة لطلب من دول معنية.
وتابع أن الجزائر ستواصل جهودها في هذا الملف، بالتنسيق مع منظمات إقليمية، مثل الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.
وتتبادل مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر مفاوضات حول السد، يرعاها الاتحاد الإفريقي منذ أشهر، ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات.
وتقول إثيوبيا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، وإن إنشاء السد ضرورة لتوليد الكهرباء وأغراض التنمية.
فيما تطالب القاهرة والخرطوم بتوقيع اتفاق ثلاثي ملزم قانونا بشأن ملء السد بالمياه وتشغليه، وذلك لضمان سلامة منشأتهما المائية واستمرار تدفق صحتهما السنوية من مياه النيل.