أكد الرئيس الجزائري أن الجزائريين "لن يتخلوا أبداً عن ذاكرتهم"، وذلك في معرض تعليقه على التقرير الذي قدمه المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا إلى الرئيس إيمانويل ماكرون حول مصالحة الذاكرة بين فرنسا والجزائر.
وقال عبد المجيد تبون في لقاء مع صحافيين جزائريين بثه التلفزيون الحكومي الاثنين "لن تكون هناك علاقات حسنة على حساب التاريخ أو على حساب الذاكرة، لكن الأمور تُحل بذكاء وهدوء وليس بالشعارات".
وأضاف "لن نتخلى أبداً عن ذاكرتنا ولكن لن نستخدمها في المتاجرة السياسية".
وكان ماكرون كلف في تموز/يوليو ستورا، أحد أبرز الخبراء الفرنسيين المتخصصين بتاريخ الجزائر الحديث، "بإعداد تقرير دقيق ومنصف حول ما أنجزته فرنسا حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر" التي وضعت أوزارها في 1962 وما زالت حلقة مؤلمة للغاية في ذاكرة عائلات ملايين من الفرنسيين والجزائريين.
وما زال التقرير الذي قدمه ستورا إلى ماكرون في 20 كانون الثاني/يناير يثير الكثير من الجدل والانتقادات في فرنسا والجزائر خاصة لعدم توصيته بضرورة اعتذار فرنسا عن الجرائم التي ارتكبتها على مدار 132 سنة من الاستعمار (1830-1962).
وإذ شدد الرئيس الجزائري على أن العلاقات الجزائرية الفرنسية "حالياً طيبة ولا توجد مشاكل بيننا"، حذر من أن "العلاقات الطيبة لن تكون على حساب التاريخ والذاكرة (...). ما فعله الاستعمار ليس بالأمر الهين".
وكان الرئيس الفرنسي وعد باتخاذ "خطوات رمزية" لمحاولة المصالحة بين البلدين، لكنه استبعد تقديم "الاعتذارات" التي تنتظرها الجزائر.
وبرأي تبون فإن ماكرون سبق وأن قام بخطوة هامة تمثلت في إعادة جماجم 24 جزائرياً قتلهم الاستعمار الفرنسي في بداية غزو الجزائر مطلع القرن التاسع عشر.
وقال تبون "أعتقد أن استرجاع الجماجم خطوة رمزية لأن الفرنسيين كانوا يرفضون من قبل تسليمنا إياها"، كما ذكر بأن "الرئيس الفرنسي قال في أحد تصريحاته إن الاستعمار جريمة ضد الإنسانية".
ومن بين المبادرات الممكنة التي اقترحها ستورا نقل رفات المحامية جيزيل حليمي التي عارضت حرب الجزائر إلى مقبرة العظماء (البانتيون)، وتخصيص مساحة أكبر لتاريخ البلدين في مناهج التعليم وإعادة سيف الأمير عبد القادر الذي قاد المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر.
ومع اقتراب الذكرى الـ60 لاستقلال الجزائر في 2022، فإن ملف "مصالحة الذاكرة" سيكون من أولويات المحادثات بين الرئيسين ماكرون وتبون.