يتولى عبد المجيد تبون مهامه رئيسا للجمهورية الجزائرية الخميس فور أدائه اليمين الدستورية في حفل رسمي بعد فوزه من الدورة الأولى في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 كانون الأول/ديسمبر واعتبرها الحراك الشعبي "غير شرعية".
ووفقا للدستور يؤدي رئيس الجمهورية المنتخب اليمين واضعا يده على المصحف. وينص القسم على "احترام الدين الإسلامي وتمجيده والدفاع عن الدستور والسهر على استمرارية الدولة" إضافة إلى "السعي من أجل تدعيم المسار الديمقراطي، واحترام حرية اختيار الشعب...".
وفور أداء اليمين "بحضور جميع الهيئات العليا في الأمة" كما في الدستور، يباشر عبد المجيد تبون (74 سنة) مهامه رئيسا للجمهورية خلفا لعبد العزيز بوتفليقة الذي استقال بعد 20 سنة في الحكم، تحت ضغط حراك شعبي غير مسبوق ضد النظام.
وتولى عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، الرئاسة المؤقتة وفقا للدستور لكنه تجاوز المهلة القانونية المحددة بثلاثة أشهر.
أمضى عبد المجيد تبون، حياته موظفا في الدولة وكان دائما مخلصا لعبد العزيز بوتفليقة الذي عينه وزيرا ثم رئيسا للوزراء لفترة وجيزة، قبل أن يصبح منبوذا من النظام. ولكنه يبقى بالنسبة للحراك "ابن النظام" الحاكم في البلاد منذ الاستقلال في 1962.
وفاز تبون من الدورة الأولى بـ 58.13% من الأصوات، لكن هذه النسبة بالكاد تخفي حقيقة أنه تم انتخابه بنسبة 20% فقط من الناخبين المسجلين. فقد بلغت نسبة المشاركة 39.88%، وهي الأدنى على الإطلاق مقارنة بجميع الانتخابات الرئاسية التعددية في تاريخ البلاد.
"جمهورية جديدة":
وحتى هذه الأرقام غير صحيحة بالنسبة للحراك بينما شكك فيها العديد من المراقبين.
وعلى الرئيس الجديد التعامل مع حركة احتجاجية قوية لم تتراجع منذ بدايتها قبل عشرة أشهر، بمطلب أساسي هو رحيل كل رموز النظام، وهو مطلب رفضته جملة وتفصيلا القيادة العليا للجيش التي تتحكم في السلطة منذ استقالة بوتفليقة.
وفور إعلان فوزه مد تبون يده للحراك الشعبي من أجل "حوار جاد لبناء جزائر جديدة" من خلال "تعديل عميق للدستور" تكون غايته ولادة "جمهورية جديدة".
لكن الحراك عبر عن رفضه التام لعرض الحوار من خلال تظاهرات حاشدة، معتبرا ان تبون "رئيسا غير شرعي" كما يرفض ان يقوم "النظام" بالإصلاحات السياسية لتجديد نفسه.
وللشباب الذين يمثلون أكثر من 53% من نسبة السكان، قدم تبون وعدا بـ"دمجهم في الحياة السياسية" على ان يعين حكومة "بوزراء يبلغون 26 و27 سنة".
ووفقا للتقاليد سيقدم رئيس الوزراء نور الدين بدوي استقالته للرئيس الجديد الذي سيكون عليه تعيين خلفا له وحكومته الجديدة. وهي مهمة تبدو معقدة بالنظر إلى رقابة الحراك الشعبي.
فعندما عين بوتفليقة وهو في آخر أيام حكمه، وزير الداخلية نور الدين بدوي خلفا لأويحيى المنبوذ شعبيا، كان هدفه تهدئة الشارع لكن ذلك لم يزد الامر إلا تصعيدا مع إصرار الحراك على رحيل الجميع.
وحاول بدوي إسكات الاحتجاجات بوعود بتشكيل حكومة "من الشباب" ثم أعلن حكومة اغلب أعضائها من الموظفين الرفيعي المستوى في الوزرات التي عينوا فيها مع بضع وجوه جديدة من شباب كما في وزارات الثقافة والرياضة والعلاقات مع البرلمان.
ومع ذلك فإنه من المستبعد أن تكفي بعض الإجراءات الرمزية لإسكات الحركة الاحتجاجية المصممة على مطلب رحيل كل رموز "النظام".
لكن الوضع ملح، بالنظر إلى غموض الأفق السياسي والأزمة الاقتصادية التي عمقتها التحقيقات القضائية التي تسببت في سجن أكبر رجال الأعمال بتهم الانتفاع غير المشروع من صفقات حكومية كبرة بفضل قربهم من محيط بوتفليقة.
والجزائر التي عجزت عن التحرر من التبعية للنفط والغاز، عرف اقتصادها أزمة كبيرة بسبب تراجع الأسعار وبالتالي تراجع المداخيل من العملات الأجنبية التي تمثل المصدر الأساسي لميزانية الدولة. ما قد يدفع تبون إلى اتخاذ إجراءات غير مقبولة شعبيا.