مواطن تركي يروي تفاصيل اعتقاله الوحشي في مصر
- ديلي صباح ووكالات, إسطنبول
- Dec 06, 2019
نتيجة للفساد المستشري في البلاد، اندلعت مظاهرات ضد حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي في جميع أنحاء مصر يومي 20 و27 سبتمبر. وقد أدت حملة القمع التي تلت الاحتجاجات، وفقاً لمنظمات حقوقية، إلى اعتقال أكثر من 4000 شخص، لم يكن جميعهم من المصريين بل كان بينهم عدداً من السودانيين والأردنيين والأتراك أيضاً، باعتبار تركيا منافساً إقليمياً لمصر.
وعليه، وجد ثلاثة مواطنين أتراك أنفسهم محاصرين في غمرة هذه الأحداث من بينهم المواطن التركي "محمد مصطفى" الذي اعتقل في ميدان التحرير وسط القاهرة المعروف بأنه ساحة التجمعات الجماهيرية التي أطاحت عام 2011 بحكم حسني مبارك.
وفور اعتقال "مصطفى" اقتاده ضابط الشرطة إلى المخفر وتم تكبيل يديه وإجباره على الجلوس على الأرضية الإسمنتية لمدة يومين.
وقال "مصطفى": "لم يسجلوا اسمي أبداً. كانوا ينادونني باسم الرئيس التركي أردوغان أو باسم تركيا". وأضاف: "استمروا على مدى يومين بتعذيبي وراحوا يضربونني بالعصا، ويصفعونني ويلكمون وجهي بشكل متقطع. كنت وحيداً في الغرفة مع الأصفاد. وحرمت من الطعام والماء. حتى أنهم تعاملوا بقسوة مع أحد عمال النظافة لأنه أراد أن يعطيني بعض الماء".
كان الأمر بالنسبة لـ"مصطفى" أشبه بالصدمة. فهو لا يملك أية ميول سياسية أو مشاعر علنية تجاه الحكومة المصرية، فضلاً عن أن المواطن التركي الشاب لم يسمع أبداً عن جماعة الإخوان المسلمين، التي يصنفها القانون المصري ضمن الجماعات الخارجة عن القانون منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.
بعد ذلك، نقل "مصطفى" من مركز الشرطة وهو معصوب العينين، إلى مجمع طابقي، على بعد حوالي 30 دقيقة بالسيارة من وسط القاهرة. ولم يتم تسجيل اسمه رسمياً هناك أيضاً. واستمر لمدة ثلاثة أيام على الأقل، يتعرض للضرب المتقطع بالعصي.
وحول طرق التعذيب قال "مصطفى": "لقد كانوا يضربون الجميع، ويضعونهم في دواليب مطاطية. حتى أن صرخات الألم كانت تسمع في كل أرجاء المبنى. كنت أحياناً أسمع أصواتاً تشير إلى أنهم يستخدمون الصدمات الكهربائية في التعذيب".
وأضاف: "في يومي الثاني سمح لي باستخدام المرحاض، وقدموا لي بعض الطعام البسيط مثل الجبن والخبز. لكنني أصبت بجروح خطيرة في ظهري وساقي ووجهي".
في هذه الأثناء استمرت السلطات التركية في محاولة التواصل مع السلطات المصرية لتسهيل إطلاق سراح "مصطفى" ومواطنين تركيين آخرين. لكن الأمر بدا أصعب من المتوقع بسبب العلاقات السيئة بين البلدين. حيث صرح مسؤول تركي رفيع المستوى قائلاً: "منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، لم يعد لدينا الكثير من العلاقات مع القاهرة".
وأوضح "مصطفى" أن حالته تحسنت عندما تحدث إلى مسؤول مصري كبير، يتحدث الإنجليزية بطلاقة، إذ اعتذر منه وأبدى له خالص الأسف عن التعذيب وسوء المعاملة الذي تلقاه مفصحاً أن كل ما حدث كان بسبب أردوغان وتركيا. وقال "مصطفى": "أوقفوا التعذيب. وتم استجوابي في وقت لاحق من قبل ضابط آخر. سألوني عن ميولي السياسية، وهل أحب أردوغان، أو هل صوّت لصالح حزب العدالة والتنمية".
بعد ذلك ، اقتيد "مصطفى" إلى مبنى وكالة الأمن القومي واحتُجز هناك، وقُيّدت يداه خلف ظهره بالسلاسل إلى الأرض لمدة أربعة أيام. ثم نقل إلى مركز الترحيل النهائي حيث أعطي ملابس نظيفة ووضع في غرفة فيها سرير ودورة مياه صحية.
في غضون ذلك، كان المسؤولون الأتراك يحرزون تقدماً في مفاوضاتهم مع المصريين الذين وعدوهم مرتين بإطلاق سراح جميع المعتقلين الأتراك دون أن ينفذوا وعدهم الذي من المتوقع أنهم أخروه إلى أن تزول علامات التعذيب وتتعافى جراح "مصطفى"، حيث راحوا يلتقطون صوراً يومية له ليراقبوا سير شفائه من الإصابات والكدمات والجروح.
وبقي مصطفى رهن الاحتجاز لمدة 23 يوماً في مصر حتى تم ترحيله، ولم يُعد إليه هاتفه ولا جواز سفره مطلقاً.
يذكر أن رواية "مصطفى" تتفق مع ما أفادت به جماعات منظمات الإنسان الدولية عن أوضاع السجون في مصر. حيث قالت "هيومن رايتس ووتش" الشهر الماضي، إن مصر تواصل استخدام التعذيب المنظم على نطاق واسع.
وجاء في تقرير للوكالة: "لقد أخفت وزارة الداخلية وقوات الأمن القومي مئات الأشخاص في السنوات الماضية، وتعرض العشرات للتعذيب الشديد بما في ذلك الصدمات الكهربائية والاغتصاب والتهديد بالاغتصاب".
كما أفادت "أغنيس كالامارد"، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالات القتل خارج نطاق القضاء والاحتجاز التعسفي، الشهر الماضي أن ظروف السجن الوحشية في مصر أدت إلى وفاة الرئيس "محمد مرسي" في الحجز، في وقت سابق من هذا العام.