وجه المصرف المركزي اللبناني تحذيراً الاثنين، من خطورة الوضع الاقتصادي فيما تستمر الاحتجاجات الشعبية، وهو ما اعتبره خبير مصرفي "إنذار للسلطة السياسية والحكومة".
وقد بدأت الاحتجاجات في 17 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، رفضًا لمشروع حكومي بزيادة الضرائب على المواطنين في موازنة 2020، لتوفير موارد جديدة للدولة التي تعاني من وضع اقتصادي متردٍ.
ومنذ اليوم التالي، يشهد لبنان شللًا كاملًا شمل إغلاق المصارف والمدارس والجامعات، وقطع المحتجون الطرقات الرئيسية للمطالبة بإسقاط السلطة السياسية، استعادة الأموال المنهوبة، مكافحة الفساد المستشري، ومحاسبة المفسدين.
وأعلنت جمعية مصارف لبنان، الاثنين، أن البنوك اللبنانيّة ستبقى مغلقة الثلاثاء، بانتظار استقرار الأوضاع.
وعاشت الأسواق الماليّة اللبنانيّة قلقًا بسبب تحكّم السوق السوداء (غير الرسمية) بسعر صرف الليرة اللبنانيّة، في ظل شُح في الدولار الأمريكي.
وقال رئيس المصرف المركزي اللبناني، في تصريحات الاثنين: "نحتاج حلًا خلال أيام، لاستعادة الثقة وتفادي الانهيار في المستقبل".
وأضاف سلامة: "لا أقول إنّنا بصدد انهيار خلال أيام (...) نحتاج حلاً فوريًّا خلال أيام".
وتراجعت حكومة سعد الحريري أمام الاحتجاجات، حيث أقرت في 21 من الشهر الجاري، موازنة 2020 من دون ضرائب جديدة على المواطنين، بجانب اتخاذ إجراءات أخرى، منها خفض رواتب الوزراء والنواب الحاليين والسابقين إلى النصف، لكن المحتجين يصرون على مطالبهم.
وتعليقًا على الأوضاع الاقتصاديّة في ظلّ الاحتجاجات، قال رئيس قسم الأبحاث والدراسات في مصرف "بيبلوس"، نسيب غبريل، إنه "على الحكومة أن تصل إلى حلّ خلال أيّام.. ومصرف لبنان لديه السيولة اللازمة للحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة".
وتمنّى غبريل، في حديث للأناضول، عدم تحوير حديث رئيس المصرف المركزي، خاصة أنه كان واضحًا عندما قال: لسنا بصدد انهيار خلال أيّام، وإنّما نحتاج حلاً فوريًّا خلال أيّام.
وتابع غبريل: "المصارف مقفلة، لأنّ لديها 26 ألف موظف منتشرين على جميع الأراضي اللبنانيّة، ولأنّ قسمًا كبيرًا منهم يعمل في الأقسام الرئيسيّة للمصارف وهي توجد في العاصمة؛ وبسبب إقفال الطرقات اتُخذ هذا القرار (الإغلاق)، لعدم تعرّض سلامتهم للخطر وأيضًا لسلامة زبائننا".
وحول احتمال انهيار الليرة أمام الدولار، أجاب: "كلا، هناك 172 مليار و500 مليون دولار من الودائع في القطاع المصرفي، وهذا رقم رسمي في أخر (أغسطس) آب المنصرم، و72 في المئة منهم في العملة الأجنبيّة، والأهمّ هو أن المصارف اللبنانيّة جاهزة لأيّ سيناريو".
ولخّص غبريل المشهد الاقتصادي الراهن بقوله: نحن في مرحلة "إنذار للسلطة السياسيّة والحكومة اللبنانيّة، التي يجب عليها تحمّل مسؤوليّاتها باتخاذ إجراءات تُعزّز الثقة وضخّ السيولة".
وبشأن إن كانت الاحتجاجات زادت من تدهور الوضع الاقتصادي، قال إن الاقتصاد اللبناني "قبل الدخول في مرحلة الاحتجاجات الشعبيّة السلميّة كان في مرحلة دقيقة"، مُطالبًا بعدم التحجّج بالتظاهرات.
واستطرد: "هناك خطوات اتُخذت من جانب الحكومتين الحاليّة والسابقة أدّت إلى تفاقم العجز في الموازنة، والتراجع في السيولة في الأسواق التجاريّة المحليّة، إضافة إلى عدم مكافحة التهرّب الضريبي، وعدم ضبط الحدود من التهريب، والتوظيف العشوائي في القطاع العامّ".
واعتبر أن سلامة "أطلق صرخة بوجه الحكومة والسلطة السياسيّة لكي لا تبقى في حالة جمود، وأن تعمل نحو حلّ الوضع".
وسعر صرف الليرة اللبنانيّة مربوطة، منذ أكثر من 20 عامًا، عند 1507.5 ليرة للدولار الواحد.
ووصل سعر الدولار مستويات قياسيّة، في ظلّ أزمات سياسيّة وأمنيّة كبيرة شهدها لبنان، منذ تثبيت المصرف المركزي سعر صرف الليرة.
وخرجت الأزمة الماليّة في لبنان إلى العلن، أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، مع إضرابات نفذتها نقابة مستوردي المحروقات؛ بسبب تكبّدها خسائر جراء تحويل مستحقاتها بالليرة إلى الدولار، لتسديد فواتير المحروقات التي تستوردها بالدولار، وتبيعها بالعملة المحلية.