تنطلق بعد غد الأربعاء، اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في مقر الأمم المتحدة في مدينة جنيف، بدعم دولي بهدف إنجاز دستور جديد وفتح صفحة جديدة في مسار الحل السياسي في البلد.
بدأت اللجنة عملها منذ إقرار تشكيلها في مؤتمر الحوار السوري بمدينة سوتشي الروسية، نهاية يناير/ كانون ثانٍ 2018، حيث أقرتها الدول الضامنة لمسار أستانة، وهي تركيا روسيا وإيران.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، تشكيل اللجنة، ضمن جهود متواصلة لإنهاء الحرب المستمرة منذ 2011.
وتتألف اللجنة من هيئة موسعة (هدفها الإقرار) من 150 عضوًا، عين النظام والمعارضة الثلثين مناصفة، بينما اختار المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، الثلث الأخير من المثقفين ومندوبي منظمات المجتمع المدني السوري.
مسار شائك:
بدأت قصة اللجنة الدستورية بعد فشل مسار التفاوض في جنيف، على يد المبعوث الأممي السابق، ستيفان دي ميستورا (2014/2018) ، حيث أخفقت مساعيه في إحداث أي خرق في مناقشة السلات الأربع (حكم انتقالي، الدستور، الانتخابات، الإرهاب) وفق القرار الأممي رقم 2254.
ومع انعقاد الحوار السوري في سوتشي، عام 2018، أُقر تشكيل اللجنة الدستورية بتوافق الدول الضامنة، وبقبول من مجموعة الدول الغربية مع الدول العربية، المسماة بالمجموعة المصغرة، وتضم: الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، السعودية، مصر والأردن، بإشراف أممي.
بعد أشهر من المشاورات قدمت المعارضة والنظام قائمتين تضم كل منهما 50 اسمًا، بينما استمر خلاف بين روسيا والأمم المتحدة بشأن القائمة الثالثة الأممية، إلى أن تم التوافق، وأُعلن تشكيل اللجنة.
ويوفر تشكيل اللجنة محاولة لإعادة الحياة للمسار السياسي، بعد إجماع كافة الأطراف السورية والإقليمية والدولية على أن الحل في سوريا ليس عسكريًا، ويجب إنهاء الصراع سياسيًا، مما يعطي الأمل بتطبيق باقي بنود القرار الأممي 2254، المتعلق بالحكم الانتقالي والانتخابات.
وبعد إعلان غوتيريش تشكيل اللجنة، اتفقت الدول الضامنة لمسار أستانة، على المساهمة في مسألة عقد اللجنة اجتماعها الأول في جنيف، وذلك عبر بيان مشترك صدر عن وزراء الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، والروسي سيرغي لافروف، والإيراني محمد جواد ظريف.
حدود الدستور:
حدد بيدرسون مجموعة قواعد إجرائية تم التوافق عليها بين النظام والمعارضة بشأن عمل اللجنة الدستورية، ومن بين المواد الحديث عن الدستور نفسه، الذي ستكتبه الهيئة المصغرة.
وقد تشكل هذه النقطة أول خلاف بين النظام والمعارضة، حيث نصت القواعد على أن "للجنة الدستورية أن تراجع دستور 2012، في سياق التجارب الدستورية الأخرى، وأن تقوم بتعديل الدستور الحالي، أو صياغة دستور جديد".
وينص أحد بنود القرار 2254 على وضع مسار لصياغة دستور جديد، بينما صرح النظام مرارًا بأنه يتمسك بنقاش دستور 2012، الذي أقره بعد بدء الاحتجاجات الشعبية المناهضة له عام 2011، فيما تصر المعارضة على كتابة دستور جديد، مع إمكانية مراجعة دستور 2012.
كما تتمسك المعارضة بتطبيق باقي بنود القرار الأممي.
وقال رئيس هيئة التفاوض في المعارضة، نصر الحريري، قبل أيام، إن "إعداد الدستور لوحده لا يحل الأزمة السورية، ولا يمكن الذهاب إلى الانتخابات دون بيئة آمنة ومحايدة، تؤمنها هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات وفق الدستور الجديد، ليشعر المواطن أن شيئًا تغير، وأن صوته يمكن أن يحدث تغييرًا".
رئيسان مشتركان:
لعل أبرز ما يميز اللجنة الدستورية هو وجود رئيسان مشتركان لها، سمى النظام أحدهما وسمت المعارضة الآخر، على أن يعملان معًا لإدارة الجلسات، وترؤس الهيئات الموسعة والمصغرة، ويتقاسمان الصلاحيات حسب القواعد الإجرائية.
والقواعد الإجرائية الناظمة لعمل الرئيسين بحاجة إلى قواعد إجرائية داخلية لعمل الهيئات، وهو ما سيتم التوصل إليه في الاجتماعات التي تبدأ اعتبارًا من الجلسة الافتتاحية الأربعاء.
وسمت المعارضة هادي البحرة رئيسًا مشتركًا للجنة، كما سمت أعضاء الهيئة المصغرة، وأبلغت المبعوث الأممي بذلك رسميًا. والبحرة من أبرز قيادات المعارضة، وترأس الائتلاف السوري المعارض سابقًا.
وقالت مصادر بالمعارضة إن الأمم المتحدة أبلغت هيئة التفاوض بأن النظام سمى أحمد نبيل الكزبري رئيسًا مشتركًا للجنة.