أنس العبدة: سيطرة النظام على إدلب تنهي الحل السياسي
- ديلي صباح ووكالات, اسطنبول
- Aug 30, 2019
اعتبر رئيس الائتلاف السوري المعارض أنس العبدة أن محاولات النظام السيطرة على إدلب (شمال) ستنهي الحل السياسي في البلاد، وتفتح المجال أمام صراع مسلح طويل قد يمتد عشر سنوات على الأقل.
وقال العبدة، في مقابلة أجراها مع الأناضول بإسطنبول: "النظام لم يحترم اتفاق إدلب الذي تم توقيعه في سوتشي، من بداية سبتمبر/أيلول الماضي. كان يريد الحسم العسكري، لكن اتفاق إدلب ردعه مؤقتا، وبعدها حصلت خروقات كثيرة سواء من النظام أو روسيا".
وأضاف أن "اتفاق إدلب/سوتشي كان فيه 4 نقاط أساسية كانت بحاجة إلى تهدئة حقيقية لتنفيذها، لكن ما رأيناه هو استمرار في الخروقات، ما أثر على قدرة الفصائل وتركيا لإحداث تقدم في هذه النقاط، ومن ثم نحن في حالة ربما لا يبقى من الاتفاق إلا النقاط التركية الموجودة في إدلب".
وشدد على أن هذه النقاط "ما زالت مهمة لأنها تمثل حالة من الحماية للمدنيين، لكن الاتفاق لم يعد محترما من قبل روسيا والنظام بشكل أساسي، وإيران التي انضمت إلى الحملة العسكرية بمرحلة متأخرة من معركة الـ110 أيام الأخيرة، وهذه المشاركة زادت الضغط على خان شيخون".
العبدة أكد أهمية "مساعي الرئيس رجب طيب أردوغان، وإقناعه الجانب الروسي بالالتزام بالاتفاق كما هو، أو العمل على اتفاق قابل للتحقيق والتطبيق، وقبل أيام التقينا مع وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، وأبلغنا بوجود مساعٍ تركية حثيثة لوقف إطلاق النار، وهو كان الهدف الأساسي لاتفاق إدلب، وحصول حالة تسمح بالانتقال للحل السياسي".
وتابع: "الطرف الروسي ارتكب جرائم حرب وشاركه النظام في ذلك، وهذا يدل على أن الهدف الروسي منذ بداية تدخله العسكري في سوريا، حسم المعركة لمصلحة النظام، وهو يعني بالضرورة أنه لن يكون هناك حل سياسي، لذلك الحديث عن إدلب ليس فقط هو الحديث عن أي منطقة".
وأوضح أنه إذا "سيطر النظام أو روسيا على مناطق في إدلب، فسيكون السوريون خاسرين كثورة، ولن يعود هناك إمكانية للحديث عن حل سياسي، ولكن هل هذا يعني دوام السيطرة؟ لا، باعتقادي نحن نتحدث هنا عن 10 سنوات على الأقل من القتال بكل أنحاء سوريا".
وبرر ذلك بوجود "عشرات آلاف المقاتلين الذين لن يقبلوا بسيطرة النظام، وسننتقل لحرب عصابات، ونوع آخر من المواجهة، وما يحدث في جنوب سوريا دليل على ذلك".
وعن الأوضاع الناجمة جراء التقدم الأخير للنظام وداعميه، أفاد بأنه "كان على الروس التفكير بطريقة منطقية، فعليهم الاستجابة للطلبات التركية، وننتقل لمرحلة جديدة من حماية المدنيين، بالنسبة إلينا الأولوية هي المدنيون النازحون، بعضهم نزحوا للمرة الثانية، وخلال المعارك الأخيرة بلغ عدد النازحين بين 800 ألف إلى مليون نازح".
ووصف أحوال النازحين بأنها "يرثى لها، ومن ثم نحن لا نتحدث عن حالة سياسية وحسب، بل عن كارثة إنسانية، وإذا أصر الروس والنظام على الاستمرار فستكون هناك كارثة أكبر، ويصل عدد النزوح إلى ضعف ذلك، وسيكون الملف السوري بمهب الريح، وستكون مناطق درع الفرات وغصن الزيتون بمرحلة خطر حقيقي".
وأكد أن "هناك إعادة ترتيب لغرف عمليات وخطط الجبهة الوطنية للتحرير وبقية الفصائل، والقدرة على الصمود موجودة لديها، المعنويات عالية في القتال، وعلى الجانب الآخر أثبت النظام أنه غير قادر على تحقيق النصر دون التدخل الخارجي من قبل روسيا وإيران".
وعن الاتفاق التركي الأمريكي حول شرق الفرات، قال العبدة: "ناقشنا عددا من الخطط حول شرق الفرات مع الجانب التركي والأمريكي، وبآخر اجتماعات تم إبلاغنا التوصل إلى اتفاق أولي تركي أمريكي حول تشكيل المنطقة الآمنة، وبقيت نقاط عديدة قيد النقاش لم يتم التوافق عليها بعد، هي العمق، ومن يحق له الوجود العسكري، ومن يدير المنطقة".
وأردف "هنالك ملامح اتفاق على 3 مراحل، الأولى ما بين رأس العين وتل أبيض بمسافة 70 كم، وبعمق من 5 ـ 14 كم، ومن بعدها المرحلتان الثانية والثالثة شرقا باتجاه الحدود العراقية، وغربا حتى الفرات".
ولفت قائلا "موقفنا واضح، نحن نؤيد تشكيل المنطقة الآمنة واي منطقة آمنة بسوريا، فأي منطقة خارج سيطرة النظام هي لمصلحة السوريين، خاصة إن كان فيها استقرار، وبيئة جاذبة للنازحين والمهجرين قسرا منها، ومن المهم تشكيل البيئة المناسبة ليتمكن النازحون من العودة الطوعية إلى مناطقهم الأصلية".
واعتبر أنه "كلما بقيت المناطق خارج سيطرة النظام، كانت هناك إمكانية للحل السياسي، لأن روسيا تسعى لإنهاء المناطق خارج سيطرة النظام، لإنهاء الحل السياسي، وأعتقد أن روسيا والنظام يعارضان هذه المناطق (شرق الفرات)".
وفيما يخص تشكيل اللجنة الدستورية كجزء من العملية السياسية، قال رئيس الائتلاف "من المفترض أن كل الخلافات والإشكالات التي أدت إلى تأجيل إطلاق عمل اللجنة قد تم تجاوز معظمها، سواء من ناحية عضوية الثلث الثالث، أو القضايا الإجرائية، والموضوع هو لدى الأمم المتحدة".
وزاد "هناك توقعات أن يتم إعلان اللجنة قبل اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة الشهر القادم (سبتمبر/ أيلول)، أو خلالها، وأعتقد أنها تأخرت كثيرا ويجب على الأمم المتحدة تحديد الجهة التي ماطلت وتسببت بالتأخير، وإن استمرت الخلافات ربما لا فائدة من إنشاء اللجنة".
واتهم النظام وحلفاءه "بلعب دور في تأخير تنفيذ العملية السياسية، والتطورات في إدلب تلقي بظلالها على الحل السياسي، لكن الأمور متداخلة، فما يجري بشرق الفرات يؤثر على إدلب، والعكس صحيح، وهناك جهات تتلاعب بهذه الأمور، على اعتبار انها أوراق للمقايضة، مقابل إنجازات معينة، وأمور تطلبها، ومن ثم اللجنة الدستورية كانت ضحية النظام ومماطلته".
وفيما يتعلق بتشكيل لجنة من الائتلاف ووزارة الداخلية التركية لحل مشاكل السوريين في تركيا، قال العبدة "هناك من 4 إلى 5 ملايين سوري يقيمون في تركيا، وهم ينقسمون إلى ثلاث حالات، 3.6 ملايين منهم تحت الحماية المؤقتة، وهناك نحو 400 ألف لديهم إقامات، ليصبح المجموع 4 ملايين، وهناك سوريون ليست لديهم حماية مؤقتة أو إقامة، فهم خارج قانون الحماية المؤقتة، قد يصل عددهم نحو مليون".
وأضاف: "عقدنا اجتماعات مع وجهاء الجالية في إسطنبول ومناطق أخرى، وباتت لدينا صورة مبدئية حول المتطلبات وما يريده السوريون، وطلبنا لقاء وزارة الداخلية، وجلسنا مع الوزير سليمان صويلو، وكان على رأس مطالبنا أن يمنح السوري مهلة" لتقنين أوضاعه في تركيا.
وأردف: "طلبنا تمديد المهلة 3 أشهر، وأن تكون هناك لجنة مشتركة، وبعض القضايا الإنسانية مثل لم الشمل، وكان هناك استجابة سريعة من الوزير، وبدأنا التواصل مع الجهات على ملف اللجنة، وسيكون هناك مشاركة لأطياف من خارج الائتلاف فيها، والهدف أن تكون هناك قناة واحدة موحدة للسوريين مع الجانب الرسمي التركي، يستمع لرسالة سورية واحدة، وبالعكس رسالة تركية واحدة للسوريين".
واستطرد العبدة متحدثا عن عمل اللجنة بالقول: "وضعنا استمارة ونافذة على الموقع الإلكتروني يمكن عبرها إرسال كل المعلومات والوثائق اللازمة لكل الأطراف، استلمنا نحو 5 آلاف طلب، ولدينا فريق يقوم على استلام الطلبات وفرزها بالطريقة المنهجية، ولدينا 7 ملفات أساسية تصنف خلالها الطلبات".
وتابع: "عندما يكون هناك لقاء مع الطرف التركي، سيتم عرض الملفات ليس من الناحية النظرية، بل عبر طريقة عملية بالأمثلة الواضحة، كل ملف يتم عرضه مدعوما بمعلومات ووثائق، وليس فقط طلبات عامة".
وبيّن أنه "خلال الفترة الماضية كان هناك خط ساخن بين الائتلاف ووزارة الداخلية، قدم عبرها قائمة عدد من السوريين الذين تم ترحيلهم خطأ إلى سوريا، كان لديهم كملك وكانوا تحت الحماية المؤقتة، وكانت هناك استجابة سريعة من وزارة الداخلية، درسوا الحالات وتمكنا من إعادة حوالي 6 شباب كان عندهم أوراق كاملة وأعدناهم إلى عائلاتهم، وهناك قوائم أخرى يعمل عليها حاليا من طرفنا وأيضا من طرف الداخلية التركية".
وختم العبدة بالقول: "من الضروري لكل سوري أن يسعى ليكون تحت إطار القانون، وفي إطار المحددات القانونية، عندها فقط يمكن حماية الشخص والدفاع عنه في حال تم التعامل معه بطريقة تعسفية، وهذه نصيحتنا الأساسية للسوريين، وتم التواصل مع منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال وتحدثنا في مؤتمرات صحفية عن هذه الأمور، ونسعى لأن يكون السوريون جميعا في تركيا تحت حماية القانون".