25 يناير.. في الدستور ثورة وفي الإعلام مؤامرة
- وكالة الأناضول للأنباء, القاهرة
- Jan 25, 2019
ترتبط ذكرى 25 ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 في مصر باعتراف دستوري مرتين، في عامي 2012 و2014، وخطاب رسمي بوجهين، أحدهما يمجدها، والآخر يحذر منها ويرى أن تحركات شعبية أخرى، في 2013، أنقذتها من الانحراف.
رغم الاعتراف والإقرار الخطابي الرسمي، خلال الأعوام السابقة، بالثورة الشعبية التي أطاحت الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك (1981: 2011)، إلا أنها لم تخرج من قفص الاتهام، لاسيما من جانب أنصار مبارك.
لم يقف الأمر عند حد الاتهام، إذ تطور إلى التحذير من العودة إلى الثورة، التي تحل ذكراها الثامنة الجمعة.
إليها، ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2018، قال الرئيس المصري الحالي، عبد الفتاح السيسي، في كلمة متلفزة، إن مصر لن تعود لما قبل 7 أو 8 سنوات.
ويرى محلل سياسي مصري أن كل خطاب يسود في مرحلة ما عن "ثورة يناير" هو "خطاب يتفق مع رغبة السلطة" القائمة في تلك المرحلة.
** الدستور.. اعتراف بالثورة
شملت ديباجة دستور مصر الصادر عام 2012 تجميدا مباشرا لثورة 2011 في أربعة مواضع، أبرزها: "هذا هو دستورنا.. وثيقة ثورة الخامس والعشرين من يناير، التى فجرها شبابنا، والتف حولها شعبنا، وانحازت إليها قواتنا المسلحة".
وفي دستور 2014، الذي جاء تعديلا للدستور السابق، عقب إطاحة محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر، ذكرت الديباجة يوم 25 يناير/ كانون الثاني 2011 في موضعين مرتبطا بلفظ الثورة.
** الأنظمة.. بين ثورة ولكن
منذ ثورة 2011، توالت على مصر سلطات انتقالية وأخرى منتخبة، حيث قاد المشير محمد حسين طنطاوي، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، المرحلة الانتقالية (2011-2012).
وبعده أصبح مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة حاليا، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر (2012-2013).
ثم تولى عدلي منصور، الرئيس السابق للمحكمة الدستورية العليا، الرئاسة مؤقتا (2013- 2014).
وبعده تولى السيسي، وزير الدفاع حين إطاحة مرسي، الرئاسة (2014- 2018)، ويحكم حاليا في فترة ثانية وأخيرة، بحسب الدستور، تنتهي في 2022.
على عكس خطابي طنطاوي ومرسي، ردد كل من منصور والسيسي جملة "ثورة يناير"، غير أنهما دائما ما يقولون إنها انرحفت عن مسارها في عهد مرسي، مما أدى إلى إطاحته، عقب عام واحد من حكمه.
ذلك الاتهام تنفي صحته جماعة الإخوان، المنتمي إليها مرسي، وترفض الإجراءات التي أطاحت أول رئيس منتخب ديمقراطيا.
بينما يقول السيسي إنه تدخل، حين كان وزيرا للدفاع، بناء على احتجاجات شعبية مناهضة لسياسيات مرسي، ولم يكن يرغب في الحكم، بل في إنقاذ مصر.
ترصد الأناضول في هذا الإطار أجزاءً عن "ثورة يناير" من خطابات رسمية خلال السنوات التالية لها، وهو ما يكشف موقف الأنظمة الحاكمة المتعاقبة من تلك الثورة:
** مرحلة المشير
خلال قيادته المرحلة الانتقالية، قال المشير طنطاوي، في خطاب قبيل الذكرى الأولى للثورة: "لم نحد أبدا عن أهداف الثورة، التى تتفق مع أهدافنا ومواقفنا".
وتابع: "ستظل ذكرى ثورة 25 يناير عيدا للتلاحم بين الشعب وقواته المسلحة، التى وقفت إلى جانبه وانحازت إليه، تحمي ثورته وتساند ثواره.. إن مصر هي أرض الحضارات والتاريخ، ولقد أعاد شعبها صياغة هذا التاريخ بثورة وطنية".
في تلك الفترة كان صوت أصحاب "ميدان يناير" هو الأعلى في طرح أفكارهم ومطالبهم، باسثناء اتهامات لها أمام القضاء وفي وسائل إعلام من جانب رموز نظام مبارك.
** حكم مرسي
في ذكراها الثانية، عام 2013، قال مرسي إن الثورة "حققت وستحقق الكثير من أهدافها".
ونوه إلى ما تحقق من "حرية بلا حدود، وإلغاء حالة الطوارئ، ودستور قلص صلاحيات رئيس الجمهورية، وحرية إنشاء الصحف ومؤسسات المجتمع المدني بمجرد الإخطار، وحرية تشريعية".
قبل إطاحته، ظهر مرسي في خطاب شهير خاطب فيه "أصحاب ثورة يناير"، محذرا إياهم من محاولات لـ"سرقتها".
وتزايدت خلال حكم مرسي نبرة الاتهامات من الرافضين لثورة يناير.
وانطلقت في 30 يونيو/ حزيران 2013 احتجاجات شعبية مناهضة لمرسي، مقابل أخرى مؤيدة له، قبل أن ينتهي المشهد، في 3 يوليو/ تموز من ذلك العام، باطاحة بمرسي، أول رئيس منتخب بعد الثورة.
** مرحلة منصور
في الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير/ كانون الثاني، قال الرئيس المؤقت، عدلي منصور، عام 2014: "جاءت ثورة الثلاثين من يونيو لتعيد ثورة الخامس والعشرين من يناير إلى مسارها الصحيح".
وأردف أن هذا المسار "حاولت بعض القوى أن تحيد به لتحقيق مآرب شخصية لا تدرك مفهوم الوطن، ولا تؤمن به.. تتاجر باسم الدين.. وتتخذ منه ستارا لتحقيق أهدافٍ هى أبعدُ ما تكون عن مصلحة الوطن".
** حكم السيسي
في ذكراها الرابعة، عام 2015، قال السيسي، الذي تولى الرئاسة في 2014 عقب فوزه في انتخابات، إن "ثورة 25 يناير كانت ثورة للتغيير، تحرك بها المصريون وأرادوا التغيير ونجحوا في ثورتهم، وعندما أرادوا مرة أخرى فى 30 يونيو التغيير أو تصويب التغيير، نجحوا مرة أخرى فى التغيير".
وفي الذكرى التالية، خاطب المصريين قائلا إن "أي عمل إنساني يخضع للتقييم.. وما اعترى تلك الثورة من انحراف عن المسار الذي أراده لها الشعب لم يكن من قبل أبنائها الأوفياء".
واستطرد: "ولكن الشعب الذي ثار من أجل حريته وكرامته صوب المسار وصحح المسيرة، فجاءت ثورة الثلاثين من يونيو.. لتستعيد إرادة الشعب الحرة، وتواصل تحقيق آماله المشروعة وطموحاته المستحقة".
وفي الذكرى السادسة، عام 2017، قال السيسي: "ستظل ثورة يناير نقطة تحول في تاريخ مصر (..) وعندما انحرفت الثورة عن مسارها، واستولت عليها المصالح الضيقة والأغراض غير الوطنية، فكانت ثورة الشعب من جديد في يونيو 2013، لتصحح المســـار".
وفي الذكرى السابعة، عام 2018، خاطب السيسي المصريين بقوله: "لا يفوتني اليوم أن أتوجه بتحية تقدير واعتزاز لأبناء شعبنا المصري العظيم، بمناسبة ذكرى ثورة ٢٥ يناير، والتي كانت مطالبها نبيلة تسعى لنيل الحرية والكرامة الإنسانية وتحقيق سبل العيش الكريم للمواطن المصري".
بخلاف الخطابات الرسمية، عادة ما يذكر السيسي ثورة 2011، في مداخلات متلفزة وغيرها، مصحوبة بتحذيرات.
ففي 31 يناير/ كانون الثاني 2018، انفعل السيسي، خلال كلمة له عقب افتتاحه مشروع، قائلا إن "مصر لن تعود لما قبل 7 أو 8 سنوات"، محذرا من أنه قد يطلب "تفويضا" (شعبيا) لمواجهة من أسماهم "العابثين بأمن واستقرار البلاد".
وفي أكتوبر/ تشرين الاول 2018، اعتبر أن "ما حدث في 2011 هو علاج خاطئ لتشخيص خاطئ، فالبعض قدم للناس صورة عن أن التغيير من الممكن أن يحدث بهذه الطريقة، وأن هناك عصا سحرية ستحل المشكلات".
في عهد السيسي تتردد اتهامات شديدة لثورة يناير وأنصارها، والكثير منهم يقبعون حاليا في السجون، مثل النشطاء: أحمد دومة، وعلاء عبد الفتاح، والسياسي محمد البلتاجي.
بعد سنوات من التنقل بين السجون والمشافي مريضا، وتحديدا في ديسمبر/ كانون الاول 2018، ظهر مبارك سائرا على قدميه داخل محكمة مصرية تحاكم مرسي والبلتاجي وآخرين، حيث شهد على "ثورة يناير"، التي أطاحته ، معتبرا إياها "مؤامرة".