المساعدات العينية من أوروبا للمحتاجين السوريين لا يمكنها الوصول دون تعاون تركي

ديلي صباح
اسطنبول
نشر في 17.01.2019 00:00
آخر تحديث في 18.01.2019 04:53
المساعدات العينية من أوروبا للمحتاجين السوريين لا يمكنها الوصول دون تعاون تركي

من دون مساعدة تركيا، لن يكون لدينا أي قدرة لمساعدة المحتاجين، بهذه الجملة افتتح عدنان وحّود، وهو دكتور سوري-ألماني قضى سنوات في مساعدة السوريين المتضررين من الحرب، معربا عن امتنانه للسلطات التركية.

وقال د.وحّود: "بفضل مساعدة السلطات التركية، نحن قادرون على نقل الأدوية والمواد عبر الحدود دون أي مشاكل"، مؤكدا أنه كان يتلقى المساعدة بشكل مستمر من والى مدينة هاطاي الحدودية والسلطات المحلية والمنظمات التركية الإنسانية، إلى جانب وكالات المعونة التركية، مثل هيئة إدارة الكوارث والطوارئ (AFAD) والهلال الأحمر التركي (kızılay)، خلال رحلته لنقل المساعدات الإنسانية إلى المواطنين السوريين.

في عام 2011، غيّر وحّود حياته بالكامل، وأوضح في حديث لصحيفة ديلي صباح: "عندما رفع أحرار شعبي أصواتهم منادين بالحرية والكرامة والإنسانية والديمقراطية في سوريا، كنت في الستين من عمري، قررت وقتها التقاعد قبل الموعد المخطط لي لمساعدة شعبي في سوريا".

بعد تقاعده قبل سبع سنوات، تركته معاناة الناس في وطنه بلا سلام. في مشروع تم إطلاقه بشكل خاص ومرتجَّل، قام وحّود بتشغيل "نقطة طبية" مؤقتة مع طبيب آخر وزوجته لمدة أسبوع واحد لتقديم العلاج المجاني للأشخاص في مناطق الحرب التي انهار فيها نظام الرعاية الصحية الأولية. بعد هذه الخطوة، رأى أن هناك حاجة ماسة إلى المساعدة المهنية المستمرة في سوريا. ومنذ ذلك الحين، أسس وحّود سبع "نقاط طبية" في محافظة إدلب "شمال غرب". توفر مراكز الرعاية الطبية هذه العلاج الطبي المجاني والأدوية للسوريين. منذ عام 2015، عالجت "النقاط الطبية" أكثر من 300 ألف شخص، 70 % منهم أطفال. يتم تعيين الطاقم الطبي من السكان المحليين، ويغطي رواتب الموظفين وتكاليف الأدوية من خلال تبرعات يجمعها من ألمانيا.

نشأ وحّود، لأسرة فقيرة في دمشق، وعاش في ظروف سيئة فيها. ولكن سُمح له بالانتظام في المدرسة والعمل في نفس الوقت لمساعدة عائلته. أثّر عمله في هذا السن الصغير على أعماله الأخيرة في العلوم والصناعة. قادته رغبته في المعرفة والإبداع إلى أوروبا في عام 1971 -أولا إلى فيينا ثم إلى مدينة آخن الألمانية-، حيث درس الهندسة الميكانيكية. وفي النهاية انضم إلى "Lindauer Dornier"، وهي شركة معروفة عالمياً في مجال آلات النسيج.

ساعدت طاقاته، وتجربة الطفولة عميقة الجذور في مجال النسيج والروح الابتكارية وحّود ليصبح نجما في مجال تقنية النسيج. اختراعاته كانت رائدة قائمة براءات اختراعه طويلة بشكل لا يصدق وقد تم تكريم عمله العلمي مع العديد من الجوائز. يقول وحّود: "أنا مسجل كمقدم مساعدة على الحدود التركية السورية، لذلك يمكنني بسهولة دخول البلاد بجواز سفري السوري". ومع ذلك، عندما يكون في الطريق، فهو بحاجة إلى الحماية. ولهذا السبب كان لديه دائمًا حارس مسلح من الجيش الحر يسافر معه، يؤكد: "أنا لست من المنتسبين إليهم، لكنهم يدعمون النقاط الطبية وهذا مهم".

تبرعات للنساء والأطفال

تتلقى ستون امرأة مع 200 طفل في محافظة حلب دعماً شهرياً قدره 45 دولاراً كمعونة أساسية بالإضافة إلى 10 دولارات لكل طفل. ومن ثم، يمكن ضمان إمداداتهم الغذائية الأساسية. وهنا أيضا، يولي وحّود اهتماما خاصا لحقيقة أن الأموال تذهب إلى المتضررين: "تدفع فقط للنساء، وليس للأعمام أو الأخوة. يجب أن تذهب الأموال مباشرة إلى الأمهات والأطفال".

كما يدعم وحّود العائلات التي يجب أن ينشأ فيها الأطفال كأيتام أو أطفال لأمهات أرامل لأن آبائهم قُتلوا في الحرب. بالنسبة إلى هذه العائلات، يتم جمع تبرعات الملابس بانتظام وتوزيعها مباشرة في الميدان.

المساعدة المقدمة إلى 25 عائلة كاثوليكية

عندما زار وحّود النقطة الطبية في اليعقوبية في غرب محافظة إدلب في أوائل أكتوبر، التقى امرأتين قال عنهما: "كانتا مسيحيتين، وقد فقدتا زوجيهما في الحرب"، بالكاد يمكنهما رعاية نفسيهما وأطفالهما.

علم أن هناك حوالي عشرين عائلة في القرى المسيحية الثلاث حول اليعقوبية يعيشون نفس الحال. قال وحّود إن القس الكاثوليكي المحلي لتلك القرى أصبح مقربا منه خلال فترة قصيرة: "إنه يضمن أن هؤلاء الأرامل وأطفالهن سوف يحصلون بانتظام على بعض المال في المستقبل".

الموظفون في النقاط الطبية السبعة لديهم مسؤولية كبيرة يقومون بها، في شهر سبتمبر تم علاج أكثر من 10000 مريض".

في نهاية سبتمبر، أنفق وحّود 11 ألف دولار على الأدوية للعيادات الخارجية، حيث تم علاج ثلاثة من كل أربعة مرضى مجانا بفضل التبرعات.

140 شجرة تين كنموذج للسلام

قام وحّود بزراعة 140 شجرة تين في حقل تبلغ مساحته حوالي 6000 متر مربع أحب أن تكون هذه الشجرات كعلامات للسلام في المكان، يقول: "الشوارع ممتلئة مرة أخرى، والمحال مفتوحة، والناس سعداء بأن الأسلحة صامتة في الوقت الراهن". وبوصفه "علامة على السلام".

في رحلته الأخيرة إلى سوريا، أعاد وحود ذكرى خاصة جدا قائلا: "بدلا من أصوات الطائرات والقنابل التي تصم الآذان ، سمعت الطيور تغني في الصباح عندما استيقظت، كانت هادئة جدا وجميلة"، وهذا بالضبط ما يرغب فيه الرجل البالغ من العمر 66 عاما من أجل مستقبل وطنه.