في كل مرة كان يغادر فيها منزله متجهًا إلى الحدود الشرقية لقطاع غزة للمشاركة في مسيرة "العودة"، كان يوصي محمد بدوان، عائلته وأقرباءه وأصدقاءه، بأن يلفوا جثمانه بعلم تركيا، حتى عاد محمولا على الأكتاف.
وأمس الجمعة، عاد بدوان (27 عامًا)، إلى أسرته وقد فارق الحياة، بعد أن أصابته رصاصة إسرائيلية في صدره مما أدى إلى وفاته، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية.
فما كان من أقرباء محمد وأصدقائه إلاّ أن برّوا بوصيته اليوم، أثناء تشيع جثمانه، فلفّوه بعلم تركيا.
وقال ابن عم محمد، إيهاب بدوان (24 عامًا): "كان محمد يوصيني دائمًا بأن نلف جسده بعلم تركيا إذا استشهد، وها نحن اليوم نفذنا وصيته".
وأضاف: "كان يحب تركيا كثيرًا، ومعجب جدًا بشخصية الرئيس رجب طيب أردوغان، وكان دومًا يحدثني، ويقول، يا ليتني أتمكن من السفر إلى تركيا، وأشاهد الرئيس وجهًا لوجه".
ولم يتخلف محمد عن حمل العلم التركي، في كل مرة كان يذهب فيها للمشاركة في مسيرة "العودة"، كما يقول ابن عمه.
واستدرك مضيفًا: "محمد كان يشارك كل يوم، ومنذ بداية المسيرة وهو يحمل علم تركيا بيده".
وفي أحد الأحاديث التي دارت بينه وبين ابن عمه، سأل الأخير: "لماذا تصر على رفع علم تركيا يا محمد؟"، فأجاب الأخير: "أحب هذا البلد جدًا، وأحب رئيسها، إنه عادل، إنه الوحيد من يدافع عن مقدساتنا ودين الإسلام".
وأردف ابن عم محمد: "محمد دائما كان يقول لي، إن أردوغان مناصر للقضية الفلسطينية، ومدافع عنها، والداعم الوحيد لنا".
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أمس الجمعة، عن وفاة 4 فلسطينيين، بالأسلحة الإسرائيلية، في موجة تصعيد استمرت لساعات، وانتهت بالتوصل إلى تهدئة بجهود مصرية وأممية.
تجدر الإشارة أن الفلسطينيين يكنّون احتراما كبيرا لتركيا، نظرًا لدعمها لقضيتهم ودفاعها عنها، كما يحظى الرئيس أردوغان بشعبية واسعة في صفوفهم، لمواقفه الداعمة لهم والرافضة للاعتداءات الإسرائيلية عليهم.
ودأبت الحكومة والمؤسسات الإنسانية التركية، على تقديم مساعدات كبيرة إلى الفلسطينيين بالضفة الغربية والقطاع والقدس، وتملك عدة منظمات خيرية، مقرات لها بالأراضي الفلسطينية، أبرزها وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" (حكومية)، والهلال الأحمر التركي، وهيئة الإغاثة الإنسانية التركية (IHH)، وجمعية "ياردم إيلي".
واستضافت تركيا مؤخرا عددا من جرحى "مسيرات العودة"، في مستشفياتها لتقديم العلاج لهم.
كما استضافت تركيا، قمة إسطنبول الإسلامية الطارئة بشأن التطورات في فلسطين (اختتمت في 18 مايو/أيار الماضي)، ردا على قرار الإدارة الأمريكية نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، والمجزرة التي ارتكبتها إسرائيل بحق المتظاهرين في غزة (14-15 مايو/أيار).
وأكد الرئيس أردوغان، في الكثير من تصريحاته الأخيرة، رفضه للقرار الأمريكي نقل السفارة، مشددًا على أن القدس هي "عاصمة دولة فلسطين".
وتحمل بعض من المحال التجاري في قطاع غزة، اسم أردوغان، كما أطلق العديد من الأشخاص اسم الرئيس التركي على أطفالهم، تعبيرا عن تقديرهم لمواقفه الداعمة للفلسطينيين.
ويتظاهر آلاف الفلسطينيين، قرب السياج الفاصل، منذ 30 مارس/آذار الماضي، للمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948، ورفع الحصار عن قطاع غزة.
ويقمع الجيش الإسرائيلي تلك المسيرات السلمية بعنف، ما أسفر عن سقوط عشرات الفلسطينيين وإصابة الآلاف.