قناة بحرية تحمل اسم "سلوى" تدرس السعودية إنشاءها بموازاة حدودها مع قطر، وعلى بعد كليومتر واحد فقط من البلد الأخير، ما من شأنه تحويل قطر إلى جزيرة.
مشروع تداول الإعلام السعودي والعربي الحديث عنه بإسهاب، في وقت لا تزال فيه العلاقات بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر، من جهة، وقطر من جهة أخرى، عالقة في توتّر يستمر منذ أكثر من 10 أشهر.
غير أن محللين يأملون في أن لا تعزل قناة "سلوى" البحرية قطر عن جيرانها، وأن يمتد جسر "المحبة" بين الجانبين، سواء في معناه المادي أو المعنوي، من أجل استقرار المنطقة.
وفي حال إنشاء القناة، فإنّ الجزيرة الجديدة لن تكون خالصة لدولة قطر، بل ستضم جزءًا من السعودية، وتحديدًا ذلك الكيلومتر الفاصل بين الحدود القطرية والقناة المزمع إنشاؤها.
ووفق تقارير إعلامية، فإنه من المنتظر أن يقام على الجزء السعودي للجزيرة، قاعدة عسكرية ومدفن نفايات لمفاعل نووي سعودي تخطط الرياض لإنشائه.
وعموما، فإن مشروع إنشاء القناة البحرية طغى على وسائل الإعلام السعودية في الأيام القليلة الماضية، قبل أن يؤكد مسؤول بالمملكة صحة الأنباء المتواترة حوله.
تأكيد يأتي في سياق إقليمي مشحون بأزمة اندلعت مذ أعلنت كلّ من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في 5 يونيو/ حزيران 2017، قطع علاقاتها مع قطر، بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة، ثم فرضت عليها "إجراءات عقابية" اعتبرتها الدوحة "حصارا ينتهك القوانين الدولية"، بينما يعتبرها الرباعي "مقاطعة".
كما يأتي أيضا في وقت تستعد فيه السعودية هذا الأحد، لاستضافة فعاليات القمة العربية.
* تفاصيل المشروع:
صحيفة "سبق" الإلكترونية السعودية كانت أوّل من كشف عن مشروع القناة، في تقرير نشرته في 5 إبريل/ نيسان الجاري، ثم لحقتها تباعا، على مدار الأيام الماضية، بقية صحف المملكة.
قناة بحرية حصلت على اسمها نسبة لمدينة سلوى الواقعة شمالَ غربِ مدينة الهفوف التابعة لمحافظة الأحساء في المنطقةِ الشرقية السعودية، على الحدود مع دولة قطر.
وبحسب إعلام سعودي، فإن المشروع يعتبر مشروعًا سياحيًا متكاملًا، يشمل شق قناة بحرية على طول الحدود مع قطر، على بعد كيلو متر واحد من الحدود بين البلدين.
وتموَّل المشروع جهات استثمارية من القطاع الخاص في السعودية ودولة الإمارات، فيما ستتولى شركات مصرية رائدة في مجال الحفر مهام حفر القناة المائية، للاستفادة من الخبرات المصرية في حفر قناة السويس.
وتتحدد الخطة المرسومة في شق قناة بحرية لتبدأ من مدينة سلوى إلى خور العديد، والأخير هو لسان من اليابسة يمتد في البحر بجانب الحدود السعودية القطرية ومعهما إمارة أبوظبي.
كما سيتم الربط بحرياً بين سلوى وخور العديد بقناة عرضها 200 متر، وعمقها من 15 إلى 20 مترا، وطولها 60 كم، ما يجعلها قادرة على استقبال جميع أنواع السفن، من حاويات وسفن ركاب.
وتتمير المنطقة التي سيتم حفر القناة فيها بطبيعتها الرملية الخالية من أي عوائق تعترض التنفيذ، حيث لا توجد سلاسل جبلية أو تضاريس وعرة تعيق عمليات الحفر.
وينتظر المشروع الحصول على الموافقة الرسمية عليه، والترخيص له ليبدأ التنفيذ، فيما يتوقع الانتهاء منه في غضون 12 شهراً فقط من تاريخ البدء به، بكلفة تصل إلى نحو 2.8 مليار ريال سعودي (ما يعادل نحو 746 مليون دولار).
** نقطة جذب سياحية وقاعدة عسكرية
الإعلام السعودي قال إنّ المشروع يهدف إلى تحويل المنطقة إلى نقطة جذب سياحية، من خلال إنشاء مرافئ على جانبي القناة تكون مخصصة لممارسة العديد من الرياضات البحرية.
كما تهدف أيضًا إلى إنشاء موانئ لاستقبال اليخوت والسفن السياحية، في سابقة تعدّ الأولى من نوعها في المنطقة، مع بناء عدد من الفنادق من فئة "خمسة نجوم"، ومنتجعات بشواطئ خاصة.
وعلاوة على الجانب الاستثماري للمشروع، نقلت صحف سعودية، بينها "سبق" الإلكترونية و"الرياض"، عن مصادر مطلعة لم تسمّها، إنه سيتم إنشاء قاعدة عسكرية سعودية في جزء من الكيلومتر الفاصل بين الحدود القطرية وقناة سلوى البحرية.
وسيتم تحويل الجزء المتبقي إلى مدفن نفايات للمفاعل النووي السعودي الذي تخطط السعودية لإنشائه.
ونشرت "سبق" صورا تظهر بدء استلام سلاح حرس الحدود لموقع منفذ "سلوى" الحدودي مع قطر، مشيرة إلى أن ذلك يأتي تمهيدا لما قالت إنه "بداية سريعة لانطلاق مشروع قناة سلوى البحرية".
* شبح الأزمة:
وفي أول تصريح لمسؤول سعودي حول الأنباء التي تداولتها وسائل إعلام محلية حول القناة البحرية، أكد المستشار في الديوان الملكي السعودي، سعود القحطاني، الإثنين، صحة الأنباء المتواترة حول المشروع.
وقال القحطاني في تغريدة عبر حسابه على "تويتر": "بتحليل الأخبار المتواترة عن قناة سلوى البحرية، فإن قطر ستتحول لجزء من جزيرة سلوى".
وأردف في تغريدة أخرى: "هل قرار تغيير الجغرافيا بإنشاء جزيرة سلوى يخالف القانون الدولي العام؟ هل يحق للسعودية وضع قاعدة عسكرية فيها؟ هل يحق لها وضع مفاعلها النووي هناك؟ وكذلك مكب النفايات النووية؟".
وأجاب القحطاني عن أسئلته بالقول: "طبعا يحق لها (للسعودية) 10 آلاف بالمائة"، ملمحا إلى أن تلك القناة على صلة بالأزمة الخليجية، وإحدى وسائل عقاب قطر، قائلا: "قلت في بداية الأزمة (الخليجية) توّنا ما بدينا (لم نبدأ بعد)".
* تهوين قطري:
وفيما لم يصدر تصريح رسمي من قطر حول مشروع القناة، هون إعلاميون وقطريون من تأثير القناة على البلاد، معتبرين إياه استهلاك إعلامي للضغط على قطر قبل القمة العربية.
وقالت مريم آل ثاني من الأسرة الحاكمة في قطر، في صفحتها الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": هذا "استهلاك إعلامي، ومحاولات للضغط قبل القمة العربية لا أكثر".
* جسر "المحبة":
يظل شبح الأزمة الخليجية يخيم بقوة على مشروع القناة البحرية وأهدافها، وفق محللين يؤكّدون أن ما يطرح الإشكال الفعلي هي الأزمة وليس المشروع.
فما يحكم الوضع الراهن ويكبله هي الأزمة التي تلقي بظلالها على المنطقة بأسرها، أما القناة البحرية فتظل مشروعا مثل غيره، وحتى لو جرى إنشاء القناة التي سيبلغ عرضها 200 متر، فإنه يمكن لجسر صغير الربط بين السعودية وقطر.
ثمّ إن جسر الملك فهد الذي يربط بين السعودية والبحرين بطول 25 كيلو متر في الخليج، غير بعيد، ما يعني أن الإشكال الحقيقي لا يكمن في الجسور الحديدية العملاقة، وإنما في جسر من نوع آخر، يشمل عودة الدفء والمحبة إلى العلاقات بين البلدين.