حوار شامل لـ"ديلي صباح" مع أحمد طعمة رئيس وفد المعارضة السورية إلى "أستانة"
- ديلي صباح, إسطنبول
- Dec 28, 2017
مخرجات محادثات آستانة ليست مرضية لكنها معقولة والنظام وإيران لا يريدان حلاً.
تباين في المواقف بين روسيا وإيران في قضية المعتقلين.
الموقف الروسي أقرب إلى الموقف التركي رغم تصريحات موسكو الأخيرة غير الإيجابية.
استطعنا تحقيق اختراق والتغلب على العرقلة الإيرانية بشأن المعتقلين بفضل الجهود التركية.
لن نتخذ قراراً بشأن سوتشي قبل دراسته ونسعى للاطلاع على تفاصيل جوهرية.
أي مشروع يحقق انتقالاً من نظام ديكتاتوري إلى ديمقراطي نرحب به وسوى ذلك لن نمرره.
الأتراك بذلوا جهوداً كبيرة في دعمنا خاصة في المفاوضات السياسية.
نريد أن ينتشر الجيش التركي في إدلب في كامل النقاط المتفق عليها بأسرع وقت ممكن.
لا نقبل بوجود أي قوى انفصالية في سوريا ونؤيد أي عملية عسكرية تركية في هذا الصدد.
مسار جنيف يهدده الخطر لكنه لم يصل إلى طريق مسدود.
الدور الأمريكي في سوريا سلبي جداً.
محال أن نقدم تنازلات للأسد ليعود إلى كرسيه متبختراً كما كان يفعل سابقاً.
سيطرة النظام العسكرية لا تكفي لقمع الثورة وعليه الاعتبار مما جرى في سريلانكا.
النص الكامل للمقابلة:
المحاور: الدكتور أحمد طعمة رئيس وفد المعارضة السورية إلى محادثات أستانة 8، كونك ترأست وفد الفصائل إلى الجولة الثامنة من المحادثات، كيف تصف لنا مجرياتها بشكل عام؟
الضيف: أنا أعتقد أن المحادثات كانت معقولة، عندما ذهبنا كنا نعرف أن الأمور ليست بالبساطة التي يتخيلها البعض ونعرف أن هناك تعقيدات كبيرة جداً، ونعرف أن الأطراف الثلاثة الرئيسية التي فيها لُبُّ المفاوضات كل منها تنزع باتجاه معين، ونحن نرى أن الطرف التركي هو الطرف الضامن بالنسبة إلينا، وهو الذي نضمنه ونثق بأنه يقاتل من أجلنا، وما يطرحه يكون بالتوافق معنا، ويتمسك بمطالبنا.. هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية؛ عندما بدأنا ننظر أنا والفريق الذي معي من الإخوة العسكريين في الملفات المطروحة وجدنا أن أهم ملف بالنسبة إلينا الآن وفي هذه الظروف هو ملف المعتقلين، وأن هذا الملف يمكن أن نحقق فيه اختراقاً ولو بسيطاً، فبدأنا بالتركيز عليه، وحواراتنا مع كل الوفود التي التقيناها كانت تركز على هذه النقطة، وكنا نقول إذا أردتم منا ان نسير قدماً في أي عملية سياسية فلا بد أن يتحقق شيء في هذا الصدد.
إذ إننا بصراحة لن نقبل بأقل من تحقيق شيء في هذا الموضوع، ولن نتخلى عن أمهاتنا ولا آبائنا ولا إخوتنا ولا أخواتنا، ثم وجدنا أن هناك تلكؤاً إيرانياً ومن خلفه النظام السوري في هذه الورقة بالذات، وذلك منذ شهر أيار عندما بدأ الحديث جدياً عن هذه النقطة وبدأ طرح النصوص التي من خلالها يتم اعتماد آلية المعتقلين.
كما تعلم لا بد من إقرار الآلية أولاً، وفي المرحلة الثانية الدخول في التفاصيل وتنفيذ هذه الآلية.. والآلية أيضاً تمر بمراحل. الإيرانيون لا يريدون أن نصل إلى أي مرحلة من المراحل ويحاولون منع أي تقدم والتسويف. في الجلسة السابقة حاولوا أن يكثروا من الأسئلة المتعلقة بقضايا هامشية لتضييع الوقت عن مناقشة القضايا الجوهرية، أما في هذه المرة فأعتقد أننا استطعنا بعد ضغط شديد، والجهود الكبيرة التي بذلها الوفد التركي، الحصول على المادة السادسة في البيان الختامي، التي تقول بتبني تشكيل مجموعة عمل لملف المعتقلين وأنا أعتقد أن هذه خطوة صحيحة وأنها ليست كبيرة، لكنها هامة ولا يمكن بعدها الرجوع إلى الخلف.
المحاور: ما هي مجموعة العمل وما آليتها وما مهامها وهل هناك ملامح واضحة لها حتى الآن؟
الضيف: أنت تعلم أنه لإقرار أي آلية لا بد أولاً من أن تتبنى مجموعة العمل الخاصة بها، وهذه تدخل في التفاصيل المتعلقة بقوائم المعتقلين وكيفية الوصول إليهم وكيفية إجراءات الإفراج عنهم وتبادل المعتقلين بين الأطراف المتنازعة.. وهكذا.
المحاور: إذن الاختراق المهم الوحيد ربما في محادثات أستانة 8 هو مجموعة العمل بشأن المعتقلين.
الضيف: بالنسبة إلينا نعتبر أن هذا هو أهم اختراق، وإن كان ليس مرضياً بالنسبة إلينا ولكن لا يمكن تجاهله، والنقاشات كما تعلم تطرقت الى مناطق خفض التصعيد بين الدول الثلاث ومواضيع أخرى.
المحاور: بشكل مجمل، كيف تقيم مخرجات محادثات أستانة بشكل عام؟
الضيف: أنا أعتقد أنها معقولة.
المحاور: دعني أقول ما هو الإنجاز الذي حققته لجانب المعارضة والشعب السوري؟
الضيف: هناك 3 نقاط أعتقد أنها كانت الأهم في هذا اللقاء، النقطة الأولى تتعلق بتبني مجموعة العمل، والثانية التوسع في تفاصيل مناطق خفض التصعيد، وكيفية انتشار الجيش التركي في إدلب.
المحاور: لكن أنت على اطلاع بالغارات التي حدثت في الأيام الأخيرة في إدلب والغوطة الشرقية.
الضيف: طبعاً النظام السوري والإيرانيون كما تعلمون لا يريدون أي حل من أي نوع كان، ولا يريدون الدخول في أي مسألة، ويعتقدون أن العمل العسكري هو المهم، وأنهم في النهاية سوف يستولون على كافة الأراضي ويعيدون استعمار هذا البلد كما فعلوا منذ 50 عاماً.
المحاور: أفهم من كلامك أن هناك تبايناً في المواقف بين روسيا وإيران من هذه الناحية.
الضيف: أنا أعتقد أن الروس أصبحوا أكثر قرباً إلى الأتراك منهم إلى الإيرانيين؛ هذا تقديري الخاص.
المحاور: لو سألتك عن مدى تطبيق مخرجات آستانة، مناطق خفض التصعيد والاتفاقيات الأخرى التي أبرمت في إطار مسار آستانة، ما تقييمك لتطبيقها؟
الضيف: كما تلاحظ حصل تخفيف في حجم القصف في الأشهر الماضية، لكنه ليس كافياً وليس مرضياً، والنظام السوري لا يريد حلاً سياسياً من أي نوع كان، لا في جنيف ولا آستانة ولا حتى في سوتشي.
المحاور: هذا يقودني إلى سؤالك حول مؤتمر سوتشي.. قبل كل شيء، ما هو موقفكم من هذا المؤتمر؟
الضيف: هذا الموضوع طرح علينا لأول مرة في هذه الجولة من محادثات آستانة، ونحن كفريق مؤلف من فصائل عسكرية وشخصيات سياسية، لا يمكن أن نتخذ قراراً بدون بحث وتروّ وتشاور، وبدون دراسة ما هي الإيجابيات وما هي السلبيات، أما أن نتخذ هكذا قرار بشكل سريع وفوري بنعم أو لا فأنا أعتقد أن هذا ليس من الحصافة في شيء.
المحاور: لكن ثمة من يقول إن هناك مؤشرات تفيد بأن المؤتمر ليس في مصلحتكم..
الضيف: نحن نريد أن ندرس هذه المؤشرات والحيثيات التي تحيط بهذا الموضوع.
المحاور: هل اطلعت على تصريحات الخارجية الروسية أمس بشأن عدم إتاحة حضور المؤتمر لمن يطالبون بوضع مصير الأسد على الطاولة؟
الضيف: نعم، نطلع على كل التصريحات. وبالمناسبة، التصريحات الروسية التي صدرت في الأيام الماضية ليست إيجابية، وربما تعقد المسألة. نحن لدينا مجموعة من النقاط التي نريد أن نعرفها قبل أن نقرر نعم أم لا، نريد أن نعرف أن مؤتمر سوتشي هل سيكون مجرد اجتماع واحتفال كرنفالي يُعلن من خلاله السير قدماً في الحل السياسي في سوريا؟ هل سيتشكل من خلاله لجنة لإعادة كتابة الدستور من جديد؟ إذا أقرت هذه اللجنة هل هذا سيؤدي الى تشكيل لجنة تكتبه؟ وماذا سيكون دور المعارضة في هذه اللجنة، وهل ستكون قراراتها بالأغلبية أم بالتوافق؟
المحاور: ما هي محدداتكم في هذه المسائل؟
الضيف: قلت ذلك، نسبتنا في هذه اللجنة؟ بالتوافق أم بالأغلبية المطلقة أم النسبية؟ هذا الدستور هل سيعرض على الشعب السوري لاستفتائه ويشارك فيه كل السوريون في داخل سوريا وخارجها؟ أم أنه سيصار إلى الدعوة إلى سوتشي مرة أخرى للتصديق على هذا الدستور؟ وعندئذ سيكون هذا بالنسبة إلينا تراجعاً خطيراً.
والسؤال الآخر الذي يطرح جدياً، ما الصلة بين هذا المؤتمر وبين مباحثات جنيف، هناك أسس طرحتها الأمم المتحدة في جنيف، أليس من مصلحتنا أن نحافظ عليها؟
ثم الأهم من كل هذا وذاك، هو أن أي اختراق، في أي جهة ما، إذا كان يحقق انتقالاً سياسياً يكفل انتقال سوريا من نظام دكتاتوري واستبدادي إلى نظام ديمقراطي فبالتأكيد نحن نرحب بهذا، أما إذا كانت المخرجات تؤدي إلى تكريس نظام بشار الأسد الذي ثار عليه شعبنا فبالتأكيد نحن لن نمرر مثل هذه المشاريع.
المحاور: هذا يقودني إلى سؤالك عن الدور الروسي.. هل لمستم في محادثات آستانة الأخيرة أي مؤشرات على جدية الروس للعمل على إنشاء تسوية سياسية حقيقية في سوريا، أم تضعونهم في خانة الإيرانيين، على صعيد المماطلة وانتظار الوقت حتى يتمكن النظام من استعادة نقاط معينة ثم يقول الآن تعالوا نبرم الاتفاق.
الضيف: نحن التقينا الوفد الروسي مرتين في جلستين إحداهما صباحية والثانية مسائية، أستطيع القول إننا لاحظنا منهم جدية نسبية، لاحظنا أن لديهم رغبة في إجراء تسوية سياسية، أما بالنسبة إلى مقدار هذه التسوية، فهل يريدون أن تكون لصالح الشعب تماماً، أم بين بين؟
المحاور: أم لصالح إعادة تأهيل النظام؟
الضيف: هذا من الأسئلة المطروحة، لكن هذه النقطة بالنسبة إلينا ليست واضحة تماماً.
المحاور: بوتين قال في قمة سوتشي الثلاثية التي جمعته بالرئيسين التركي والإيراني "حان وقت التسوية السياسية، والتسوية السياسية تتطلب تنازلات من جميع الأطراف بما فيها بشار الأسد" هل لمستم أي ترجمة لهذه التصريحات؟
الضيف: أعتقد أن الروس أميل إلى هذه الصورة، على عكس الإيرانيين الذين لا يريدون أي حل من أي نوع، حتى لو كان حلاً سياسياً يميل لصالحهم. فهم يريدون حالة الفوضى وتكريس العمل العسكري وإنهاء الثورة نهائياً وأن يسطروا على البلاد بطولها وعرضها.
المحاور: ما موقفكم من بقاء القوات الروسية في سوريا، بعد أن أعلن الرئيس بوتين سحب معظم القوات والاحتفاظ بقاعدتين عسكريتين؟
الضيف: نحن نؤيد سحب القوات بكاملها، سوريا بلد مستقل ذو سيادة، هذا طرحنا، لماذا توجد القوات الأجنبية على الأراضي السورية؟ ولماذا تكون هناك مليشيات إيرانية على الأرض السورية؟ ولماذا تكون هناك قوات لا يرغب الشعب السوري في وجودها؟
بالنسبة إلينا نريد نظاماً ديمقراطياً ينقل سوريا من حياة الاستبداد إلى حياة العدالة الاجتماعية والحريات وأن يعطى الشعب السوري كرامته.
المحاور: إذا انتقلنا إلى الدور التركي، ما هو تقييمك لدور تركيا في تخفيف معاناة السوريين على جميع الصعد، سياسياً وعسكرياً وإنسانياً؟
الضيف: نحن منذ اللحظة الأولى نثمن هذا الدور، ونعرف أن الأتراك بذلوا جهداً كبيراً سواء في دعمنا من ناحية المفاوضات السورية، أو تقديم الخدمات للمواطنين السوريين. عليك أن تعلم أن المواطن السوري المقيم في تركيا يشعر بالأمان عشرات وعشرات الأضعاف عما كان يشعره في سوريا.
أنا واحد من الناس الذين كان عناصر الأمن يملؤون قلوبهم بالرعب ليلا ونهاراً، وعندما قدمت إلى تركيا لم أصدق أن تركيا على هذا النحو من الحريات والمرونة السياسية، وهناك مسألتان مهمتان هنا: الانضباط تجاه القانون، وهذا النمو الحضاري والانفتاح تجاه الإنسان كإنسان.. هذا بالنسبة إلينا بالغ الأهمية. ولذلك تركيا قدمت لنا دعماً سياسياً وقدمت دعماً لوجتسياً لمواطنينا.
المحاور: على الجانب العسكري، كيف تنظر إلى دخول القوات التركية إلى إدلب، وما هو موقفكم من ذلك؟
الضيف: نحن ننظر إليه بإيجابية ونريد أن يتم الانتشار بأسرع ما يمكن في جميع النقاط المتفق عليها في محادثات أستانة، وهي 12 نقطة. الآن الجيش التركي موجود في 3 نقاط ونأمل أن يتم استكمال انتشاره في النقاط التسع المتبقية بأسرع وقت ممكن.
المحاور: ماذا تتوقع من هذا الوجود العسكري التركي في إدلب؟ بمعنى آخر ماذا سيترتب عليه في المنطقة؟
الضيف: نحن متأكدون أن أي منطقة يدخلها الجيش التركي لا تستطيع أن جهة أن تطلق عليها قذيفة واحدة، هذا بالنسبة إلينا شيء هام، أن يعود للمواطنين أمانهم واطمئنانهم.
المحاور: بالنسبة إلى الجماعات الانفصالية في شمال سوريا، وأقصد ب ي د وهو الامتداد السوري لتنظيم بي كا كا الإرهابي في تركيا، وسيطرة هذه التنظيمات على شمال وشرق سوريا، ما هو موقفكم من هذه السيطرة، في ضوء ما كشفه طلال سلو المتحدث السابق باسم ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية؟
الضيف: أنتم تعرفون موقفنا الثابت منذ أمد بعيد، نحن لا نقبل بوجود أي قوى انفصالية في سوريا على الإطلاق، هذا بالنسبة إلينا من المسلّمات، قلنا دائماً إننا وكل مواطني وأبناء سوريا يمكن أن نجلس إلى طاولة التفاهم، ونتفاهم على تقرير شكل الدستور والدولة وحقوق المواطنة التامة لكل المواطنين في سوريا، أما أن يكون هناك جماعات لها ارتباطات خارجية، وتريد أن تفرض رأيها على الشعب السوري، ويكون لها تطلعات في الانفصال، فهذا من يقبله؟ هل تعتقد أن سورياً عاقلاً يقبله؟ فما بالك بمن يريد فرض ذلك بالقوة العسكرية!
المحاور: المسؤولون الأتراك تحدثوا مراراً عن عملية عسكرية قد تنطلق ضد ب ي د الإرهابي في عفرين انطلاقاً من إدلب، ما موقفكم من هذه العملية العسكرية المحتملة بالتحديد؟
الضيف: كما قلت، كل ما يؤدي إلى الاستقرار في سوريا وما يؤدي الى زوال الجماعات الانفصالية فنحن نرحب به، ونؤيده.
المحاور: بالنسبة إلى محادثات جنيف، أعلن دي ميستورا فشلها وألقى باللوم للمرة الأولى على النظام السوري، ما تقييمكم لمسار مفاوضات جنيف وما آلت إليه الأمور هناك؟
الضيف: هناك مشكلة في مفاوضات جنيف. النظام لا يريد أن يقدم أي خطوة بأي اتجاه، ولا توجد قوة تضغط عليه في جنيف بالذات.. أين هي القوة التي يمكن أن تضغط عليه هناك؟ حتى بالنسبة إلى الروس فهم يفضلون أن يتم إنجاز الحل خارج جنيف، لكنهم لا يمانعون إذا سارت الأمور قدماً في جنيف.
في السياسة كل الدول تحاول أن تجلب الأمور باتجاهها، بالنسبة إلينا الأقرب لنا هو الموقف التركي، وهو الداعم لنا بقوة. جنيف أصبحت في الحقيقة يهددها الخطر وإن لم تصل إلى طريق مسدود، والآن في ظل اشتراط الأمم المتحدة أنه إذا حصل مؤتمر سوتشي أن تكون مخرجاته تحت مظلة جنيف، فأنا أعتقد أن المؤتمر بهذا الشرط سيحيي مسار جنيف.
المحاور: لو انتقلنا إلى الدور الأمريكي، كيف تقيم هذا الدور في الملف السوري حالياً؟
الضيف: الدور الأمريكي في الملف السوري حالياً سلبي وسلبي جداً.
المحاور: بمعنى الانسحاب وعدم التأثير على الفاعلين؟
الضيف: نعم وبمعنى عدم الاكتراث، بل يتراءى لي أحياناً أنهم يسيرون وفق مبدأ الانتظار، بمعنى: اتركوا الأطراف الأخرى تفعل ما تشاء لكننا في النهاية سنقرر ما نريد. هم الآن في رأينا يتجهون باتجاه القول بـ"لا" لما لا يرغبونه، لكنهم لا يريدون أن يقولوا "نعم" لما يريدونه. حقيقة نحن ليس لدينا وضوح تام حول ماذا يريد الأمريكيون، لكن لدينا وضوح تام حول ما لا يريدونه.
المحاور: بمعنى أن أمريكا لا تريد أن تساهم في دفع التسوية للأمام، وفي نفس الوقت لا تريد لأي تسوية أخرى أن تحدث بعيداً عنها.
الضيف: تستطيع أن تقول إن هذا إحدى الأطروحات الأمريكية.
المحاور: هل ما زال لدى المعارضة السورية أي أوراق قوة أو ضغط تستطيع أن تستعملها أو تلوح بها عند اللزوم؟
الضيف: نحن لدينا الورقة الأولى والأهم وهي ورقة الشعب، أنت تعرف أن الشعب السوري عندما قام بثورته قام بحركة سلمية، من أجل الوصول إلى تحقيق مطالبه. النظام قام بكل الأعمال الإجرامية من أجل صد هذه الحركة السلمية وتحولت الثورة إلى ثورة عسكرية. طالما لدينا هذه الورقة ومحتفظون بها والشعب مصمم على استمرارها، فلن نتراجع أيضاً.
إذا كان النظام يعتقد أن مجرد بسطه السيطرة العسكرية على منطقة ما أنه قد آل الأمر إليه فهو مخطئ، لأن وراء ذلك الكثير.. إعادة الإعمار وإعادة اللحمة الاجتماعية في البلد والترتيبات السياسية، ووراءه كيف يواجه هذا الشعب من كل أطرافه ومكوناته بالجرائم التي ارتكبها! حتى من مؤيديه، بعد أن تنقطع أصوات المدافع وتتوقف العمليات العسكرية سوف يسألونه أين الماء أين الكهرباء أين الصحة أين التعليم؟ ما هذه الفوضى التي حصلت؟ ما هذا التشبيح؟ عندما دخل النظام مدينة البوكمال مثلاً، أول ما بدأ عملية التعفيش بدأ ببيوت المؤيدين له.
لم يشهد التاريخ أن ثورة عظيمة كمثل الثورة السورية قامت ولم تحصل على أهدافها، أعطني ثورة قمعت قمعاً نهائياً ولم تؤت ثمارها! قد تتأخر هذه الثمار، لكن لا توجد ثورة في التاريخ بمثل هذه العظمة والقوة يقوم بها شعب بكامله إلا وحققت نتائجها.
المحاور: في آخر سؤال واستلهاماً من هذا النقطة، لو وجدتم أنفسكم أمام خيار وحيد، فيما يتعلق بسوتشي أو أي مبادرة أخرى، يقول لكم فيها المجتمع الدولي نريدكم أن تأتوا إلى بشار الأسد في هذا المؤتمر العام تجرون مصالحة وتتفقون على إصلاحات دستورية، ولا يتغير شيء في النظام بل تشاركون في انتخابات وانتهى، هل ستقبلون بمثل هذا الخيار لو كان خياراً وحيداً؟
الضيف: هذا لن يحصل أبداً، ولن نمرر هكذا مخططات، نحن على أكتافنا نحمل كل هموم الشعب السوري، وهذا ليس اليوم ولا أمس، بل منذ أمد بعيد. هل تذكر عندما قدمنا مطالبنا في إعلان دمشق عام 2007؟ طرحنا فيها السلمية والتدرج والبعد عن العنف، والتغيير الديمقراطي الذي ينقل البلاد رويداً رويداً على مدى 15 عاماً.. ماذا فعل النظام؟ بدل أن يلتفت إلى مطالبنا الـ 27 ويناقشنا فيها ويسعى إلى تحسين تدريجي لأوضاع الناس قام باعتقالنا وزج بنا في السجون.
إذا كان يحلم بأننا سنقدم تنازلات وأنه عفا الله عما مضى ويعود إلى كرسيه يتبختر كما كان يفعل سابقاً، فهذا محال، والمجتمع الدولي يعلم أن هذا محال.
أريد أن أذكر بشيء بالغ الأهمية، تعلم ماذا حصل في سيريلانكا.. قامت ثورة التاميل واستمر الصراع 17 عاماً بين ثوار التاميل والنظام العسكري الحاكم في سيريلانكا، الذي انتصر بعد تلك المدة عسكرياً واستسلم ثوار التاميل وألقوا بأسلحتهم.
ومع ذلك جاء المجتمع الدولي وقال إن هذا المجتمع المدمر لا يمكن أن تتم المصالحة المجتمعية له بدون انتقال سياسي، فأول مطلب طلبه المجتمع الدولي ونفذه هو أن على رئيس النظام العسكري أن يرحل، وقد رحل فعلاً.
المحاور: ما هي أدوات المجتمع الدولي التي استخدمها ليفرض هذا الانتقال؟
الضيف: المجتمع الدولي عندما يريد يعرف كيف يغير.
المحاور: هنا السؤال، هل يريد ومتى يريد في الحالة السورية؟
الضيف: أنا أعتقد أنه في النهاية سوف يريد التغيير.
المحاور: هل يستطيع السوريون أن يحملوا المجتمع الدولي على فعل شيء؟
الضيف: أعود لأقول طالما نحمل في جنباتنا ثورة فهذا سيتحقق في النهاية، مع تمتعنا بالحنكة والمرونة والاطلاع الواسع على التفاصيل ثم اتخاذ القرار الحازم، عند ذلك فالله سوف يوفقنا ويهدينا سواء السبيل.
المحاور: أشكرك جزيل الشكر.