في التداعيات المستمرة لإصرار إقليم شمال العراق المضي في عملية الاستفتاء على الانفصال عن الحكومة المركزية، رفضت كتلة المجلس الأعلى الإسلامي، اليوم الخميس، مبادرة كان تقدم بها الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، لنزع فتيل أزمة استفتاء الاقليم الكردي (شمال)،
وبدأ معصوم وهو من المكون الكردي، الأسبوع الماضي، سلسلة لقاءات مع كافة الأطراف السياسية بحثا عن توافق بشأن الاستفتاء المقرر الاثنين المقبل، الذي تتمسك به حكومة الإقليم في أربيل، وترفضه الحكومة الاتحادية في بغداد. وتقترح مبادرة معصوم عدم إجراء الاستفتاء مقابل البدء بمفاوضات بين بغداد وأربيل دون شروط مسبقة، وحل الملفات العالقة خلال 3 سنوات، وفي حال فشل المفاوضات يستأنف الإقليم، المتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1991، قضية الاستفتاء.
وقال حامد الخضري، رئيس كتلة المجلس الأعلى الإسلامي في البرلمان العراقي (وأحد اقطاب التحالف الوطني الشيعي): "لا نقبل مبادرة رئيس الجمهورية التي اعتمدت أساسا على مبادرة ممثل الأمم المتحدة، لأن المبادرتين تتضمنان تأجيل الاستفتاء المخالف للدستور المرفوض أصلاً من المحكمة الاتحادية ومجلس النواب (البرلمان) العراقي، وتدويله لاحقا".
ودعا الخضري الرئيس العراقي إلى "دعوة الإقليم إلى التفاوض مع بغداد تحت سقف الدستور، الذي كان سيادته (معصوم) أحد اهم أعمدة كتابته، وكان الكرد أكثر المكونات العراقية نشاطاً وتحمساً له".
وعقب لقاء بين معصوم ورئيس الإقليم الكردي، مسعود بزراني، في السليمانية، أمس، أعلنت الرئاسة العراقية أن وفدا رفيع المستوى من الإقليم سيزور بغداد خلال يومين لإجراء مباحثات حول الاستفتاء.
وقال النائب العراقي الشيعي إن "مجلس النواب والمحكمة الاتحادية رفضا الاستفتاء في الإقليم، فضلا عن المناطق المتنازع عليها، لمخالفته للدستور، ولعدم وجود أي سند قانوني له".
وتابع الخضري: "نجدد الدعوة لأصحاب القرار في الإقليم، وبكل إخاء ومحبة، لاتخاذ قرار الشجعان بإلغاء الاستفتاء واللجوء إلى الحوار الجاد والصادق لحل الأزمة، لتخليص العراق والمنطقة من الأخطار المترتبة على إجراءه".
وأبدى نوري المالكي، زعيم "ائتلاف دولة القانون" (أكبر كتلة ضمن التحالف الوطني الشيعي)، نائب رئيس الجمهورية، أمس، رفضه لمبادرة الرئيس لاحتوائها على سقف زمني، معتبرا إياه شرطا مسبقا للمفاوضات.
وقال عبد السلام المالكي، عضو كتلة "ائتلاف دولة القانون"، إن "التحالف الوطني وباقي الكتل السياسية متمسكة بطرح جميع المشاكل والقضايا بين بغداد وأربيل على طاولة النقاش، لحسمها في إطار الدستور والقانون". وأضاف المالكي أن "كل الجهات الدولية ترفض الاستفتاء وتقف في صف وحدة العراق، وعلى الجانب الكردي الاستجابة للموقف المحلي والعالمي".
وشدد على أن "الإقليم تجاوز الدستور والقانون وخرق الاتفاقات السياسية، كما تجاوز صلاحيات الحكومية الاتحادية بشأن المناطق المتنازع عليها".
والاستفتاء المزمع غير مُلزم، إنما يتمحور حول استطلاع رأي سكان المحافظات الثلاث في الإقليم الكردي، وهي: أربيل والسليمانية ودهوك، ومناطق أخرى متنازع عليها، بشأن ما إذا كانوا يرغبون في الانفصال عن العراق أم لا.
وترفض الحكومة العراقية الاستفتاء، فهو لا يتوافق مع دستور البلاد المعتمد في 2005 ولا يصب في مصلحة الأكراد سياسيًا ولا اقتصاديًا ولا قوميًا.
كما يرفض التركمان والعرب أن يشمل الاستفتاء محافظة كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها.
ويعارض الاستفتاء عدة دول في المنطقة وعلى المستوى الدولي، خصوصًا تركيا التي تقول إن الحفاظ على وحدة الأراضي العراقية مرتبط بإرساء الأمن والسلام والرخاء في المنطقة.