حقيقة الاشتباكات بين قوات الأسد وميليشيات "الاتحاد الديمقراطي" بالقامشلي

ديلي صباح
اسطنبول
نشر في 22.04.2016 00:00
آخر تحديث في 22.04.2016 17:53
مجموعة من مقاتلي تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي يرفعون صورة عبد الله أوجالان زعيم تنظيم بي كا كا الإرهابي آسوشيتد برس مجموعة من مقاتلي تنظيم "حزب الاتحاد الديمقراطي" يرفعون صورة عبد الله أوجالان زعيم تنظيم بي كا كا الإرهابي (آسوشيتد برس)

تداولت وسائل الإعلام العربية والعالمية مؤخراً نبأ وقوع اشتباكات بين قوات نظام الأسد وميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي (الذراع السوري لتنظيم بي كا كا الإرهابي، والمعروف إعلامياً باسم تنظيم ب ي د) في مدينة قامشلي بمحافظة الحسكة. الأمر الذي فسره البعض على أنه مؤشر لانتهاء الاتفاق والتعاون بين نظام الأسد وميليشيات ب ي د الذي بدأ منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.

وبدأت الاشتباكات يوم الأربعاء الماضي إثر توقيف نقطة أمنية تابعة لقوات النظام لسيارة تقل عناصر من ميليشيات الاسايش التابعة لوحدات حماية الشعب الكردية، الجناح المسلح لتنظيم ب ي د، مما أدى إلى حدوث اشتباكات بين الطرفين ازدات حدتها واستمرت حتى اليوم.

على الجانب الآخر يرى العديد من المحللين والنشطاء أن الأمر برمته لا يتجاوز كونه جزء من خطة أو اتفاق ما بين الطرفين.

ويرى الكاتب الصحفي التركي طه قيلينتش، مسؤول قسم الأخبار الخارجية بصحيفة صباح التركية، أن نظام الأسد يحاول حصر نفوذ "الاتحاد الديمقراطي" وميليشياته داخل نطاق محدد، إلا أن الأخيير سعى لتجاوز ذلك الإطار وحاول تأسيس علاقات مع العديد من القوى الدولية من خلال اللقاءات التي يعقدها معهم، الأمر الذي أزعج نظام الأسد بشدة.

ويضيف طه قيليتش، أنه لا زال مبكراً جداً الحديث عن انتهاء الاتفاق بين الأسد و تنظيم "ب ي د" في المرحلة الحالية.

أما علي حسين باكير، الباحث في الشأن السوري، فيرى أن الاشتباكات بين الطرفين ليست جزءاً من خطة متفق عليها، كما يرى البعض. إلا أنه لا يعتقد أيضاً أن تكون تلك الاشتباكات مؤشراً على انتهاء الاتفاق بينهما:

"لا اعتقد أنّه جزء من خطة، ولا أرى في المقابل حقيقة أنه مؤشّر على انتهاء الاتفاق بينهما بدليل أن السنوات القليلة الماضية شهدت دوماً مناوشات بين الطرفين دون أن يؤثر ذلك على اتفاقهما العام.".

ويضيف باكير: "أنا أرى ما يجري الآن في إطار استغلال كل طرف للظروف المناسبة لتحسين موقعه باستخدام الطرف الاخر. كما تعلمون نظام الأسد استخدم ب ي د منذ بداية الثورة للضغط على تركيا ولتعطيل تقدّم ثوار المعارضة في المناطق الشمالية. وقام بتسليم مناطق واسعة من الشمال السوري إلى الميليشيات الكردية لتكون بمثابة فاصل بين النظام وبين الثوار وتركيا. وقد قام تنظيم ب ي د باستغلال ذلك أفضل استغلال وثبّت سيطرته على هذه المناطق وحاول التوسع لضم المزيد إليها. واليوم هم يقولون بطريقة غير مباشرة نحن أتممنا هذه المهمة ونريد المزيد، ومعلوم أنهم قاموا مؤخراً بإعلان منطقة خاصة بهم في الشمال السوري والنظام لا يزال يحاول أن يستخدمهم للضغط على المعارضة السياسية والمسلحة في جنيف أو على الأرض.

أما الكاتب الصحفي طه داغلي، فيرى أن الأمر برمته جزء من خطة واتفاق جديد بين نظام الأسد وتنظيم ب ي د، وأن من يعرف خلفية التعاون الوثيق بين الطرفين ويعرف طبيعة المنطقة جيداً سيدرك أن ليس ثمة نزاع حقيقي، ولا نهاية للاتفاق المستمر بين الطرفين منذ سنوات. والأمر برمته عبارة عن "سيناريو" محكم.

ويرى طه داغلي أن هذا السيناريو يحمل بصمة الولايات المتحدة الأمريكية التي تريد إعادة تشكيل موازين القوى على الحدود التركية-السورية من خلال خلق قناعة بأن هناك صراع بين نظام الأسد وبين تنظيم "ب ي د" الإرهابي.

أما الباحث في الشأن السوري سنان متيش، فيرى أن الاشتباكات بين الطريفين هي مجرد خطة لخلق تصور لدى الرأي العام العالمي مفاده أن "ب ي د" ليس حليفاً للأسد، بل أحد قوى المعارضة وبالتالي يحق له الانضمام إلى المفاوضات في جنيف.

"ما يدور عن حدوث اشتباكات بين ميليشيات "ي ب ك" الجناح العسكري لتنظيم "ب ي د" الذي يقف منذ بداية الثورة السورية في صف النظام ضد الشعب السوري، هدفه خلق تصور لدى الرأي العام العالمي من قبل هذا التنظيم الإرهابي بأنه ليس حليفاً لنظام الأسد، وذلك في مسعىً منه للانخراط في مفاوضات السلام بين المعارضة والنظام، خاصة وأن مشاركته في المفاوضات قوبلت قبل ذلك بالرفض من قبل المعارضة التي قالت إنه يجب على التنظيم أن يشارك في المفاوضات في صف النظام وليس في صف المعارضة. فوجد الـ"ب ي د" نفسه في مأزق خاصة بعد إعلان تركيا بأنه تنظيم إرهابي، بعد ضلوعه في عدة أعمال إرهابية بالتعاون مع تنظيم بي كا كا الإرهابي، ومحاولاته لتهريب الأسلحة إلى داخل تركيا لعناصر بي كا كا.

ويضيف سنان متيش: "إن العلاقة بين النظام والـ ب ي د عبارة عن علاقة مصلحة لا أكثر؛ فكل يسعى للاستفادة من الطرف الآخر ولكن على حساب الشعب السوري. الـ ب ي د يسعى لتغيير الرأي العام تجاهه بينما النظام السوري يقدم السلاح وكل أنواع الدعم لذلك التنظيم الإرهابي بحسب ما صرح به مندوبه لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري وكذلك مستشارة بشار الأسد بثينة شعبان.".

ومنذ انلاع الثورة السورية، في مارس/آذار عام 2011 ونظام الأسد في حالة اتفاق مع الوحدات الكردية التابعة لتنظيم "ب ي د" وسحب النظام معظم قواته من المحافظات ذات الغالبية الكردية، ليسيطر عليها التنظيم، مع وجود ضئيل لقوات النظام في الأماكن الاستراتيجية بتلك المحافظات.
وتتهم كل فصائل المعارضة السورية "الاتحاد الديمقراطي"بأنه حليف للأسد، يتعاون معه في سبيل الحصول على مكاسب سياسية خاصة، ولا يعمل من أجل مصلحة الشعب الثوري. الأمر الذي يحاول التنظيم نفيه.