جدل واسع على مواقع االتواصل الاجتماعي بمصر بعد تنازل الحكومة للسعودية عن إدارة الجزيرتين

وكالة الأناضول للأنباء
القاهرة
نشر في 12.04.2016 00:00
آخر تحديث في 12.04.2016 18:19
جدل واسع على مواقع االتواصل الاجتماعي بمصر بعد تنازل الحكومة للسعودية عن إدارة الجزيرتين

أاثار الإعلان المفاجئ خلال زيارة العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز الى القاهرة عن توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين البلدين تمنح السعودية السيادة على جزيرتين في مضيق تيران، جدلاً وأحدث موجة غضب مصرية في وسائل الاعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم تراجع الاهمية الاستراتيجية، بحسب الخبراء، لجزيرتي تيران وصنافير غير المأهولتين اللتين تتحكمان في مدخل خليج تيران وهو ممر ملاحي رئيسي للوصول إلى ميناء ايلات الاسرائيلي على خليج العقبة، إلا أن المصريين الذين شاركوا في الحروب العربية-الإسرائيلية الأربعة قبل أن تصبح مصر أول بلد عربي يوقع معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979، لا يزالون يتذكرون حرب الخامس من حزيران/يونيو 1967.

فقد كان إغلاق خليج تيران أمام السفن الإسرائيلية بقرار من جمال عبد الناصر في 23 أيار/مايو عام 1967 شرارة أشعلت بعد أقل من أسبوعين الحرب العربية-الإسرائيلية الثالثة التي احتلت خلالها إسرائيل هضبة الجولان السورية والضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وجزيرتي تيران وصنافير اللتين كانتا آنذاك في حماية الجيش المصري.

وعند إبرام اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1978، وضعت الجزيرتان مثل بعض أجزاء من شبه جزيرة سيناء ضمن ما يعرف ب "المناطق ج" حيث يمنع أي تواجد للجيش المصري ويسمح فقط بانتشار عناصر من الشرطة المدنية وقوات متعددة الجنسيات.

وتلتزم السعودية بموجب الاتفاقية الجديدة باحترام كل تعهدات مصر الدولية بشأن الجزيرتين.

وانتشرت في وسائل الاعلام وخصوصاً البرامج التلفزيونية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة تعليقات حول الاتفاق المصري السعودي الأخير مع تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت مصر "تنازلت" عن سيادتها على الجزيرتين مقابل مليارات الدولارات من المساعدات التي تقدمها السعودية منذ الاطاحة بالرئيس محمد مرسي في تموز/يوليو 2013.

وكتب أحد أشد معارضي عبد الفتاح السيسي، أستاذ العلوم السياسية عمرو حمزاوي المقيم الآن خارج مصر، كتب على حسابه على "تويتر" الأحد تغريدات يؤكد فيها أن الجزيرتين سعوديتان وفقاً للدراسات القانونية.

وقال حمزاوي "كانت شائعات التنازل عن حلايب وشلاتين وقت الرئيس السابق محمد مرسي ظالمة، وادعاءات التنازل عن السيادة المصرية على صنافير وتيران أيضاً ظالمة"، مضيفا "أن توجيه الاتهام بالتنازل عن الأرض دون استناد إلى فهم لتاريخ ووضعية صنافير وتيران ليس من الموضوعية في شيء".

ولكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حازم حسني كتب على حسابه على موقع فيسبوك أن "رضوخ مصر السهل لمطالبة السعودية بالجزيرتين وكأننا نتنازل عن كارت شحن (للهاتف المحمول) يبين إلى أي درك انحدرت الدولة المصرية وما بقي من الدور المصري (الاقليمي) الذي صار مهيناً لمصر والمصريين".

وكتب أستاذ القانون في جامعة الزقازيق نور فرحات على فيسبوك أيضاً داعياً نواب البرلمان إلى "سحب الثقة من الحكومة فورا لأنها أقدمت (...) على الاعتراف المجاني بسيادة السعودية على الجزيرتين دون حتى أخذ رأي مجلس النواب".

وأصدرت الحكومة المصرية السبت بيانا أكدت فيه أن "العاهل السعودي الراحل الملك عبد العزيز آل سعود كان قد طلب من مصر في يناير 1950 أن تتولى توفير الحماية للجزيرتين"، مضيفا أن الاتفاقية الجديدة استندت إلى قرار جمهوري أصدره الرئيس الأسبق حسني مبارك وأبلغ به رسميا الأمم المتحدة في ايار/مايو 1990 "يجعل جزيرتي تيران وصنافير داخل المياه الاقليمية السعودية".

ولن تدخل الاتفاقية المصرية السعودية الحدودية حيز التنفيذ إلا بعد عرضها على مجلس النواب المصري والحصول على موافقته، لكن البعض طالب بأكثر من ذلك.

وقال المعلق المعروف ابراهيم عيسى على قناة "القاهرة والناس" مساء الأحد إن "التنازل عن الجزيرتين شأن يتعلق بالسيادة المصرية"، وأن المادة 151 من الدستور المصري توجب إجراء استفتاء شعبي على أي اتفاقية تخص أمرا من أمور سيادة الدولة على أراضيها.

ويعتبر بعض الخبراء أن الحكومة المصرية لم تتعامل بشفافية في هذه القضية.

ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية مصطفى كامل السيد "الخطأ الذي ارتكبته الحكومة المصرية هو أنها لم تبلغ الشعب المصري لا في وقت حسني مبارك ولا وقت عبد الفتاح السيسي أن اتصالات تجري مع السعودية للاتفاق على ترسيم الحدود".

ويضيف "منذ العام 1990، قبلت مصر بالسيادة السعودية على الجزيرتين وأبلغت الامم المتحدة بذلك ولا يحق لها التراجع الآن. وبالتالي فمن الناحية القانونية، الثابت أن الجزيرتين سعوديتان".

ويرى الخبير في شؤون الشرق الاوسط أن هاتين الجزيرتين "قلت أهميتهما الاستراتيجية الآن مع وجود حالة سلام فعلي بين العرب وإسرائيل". أما المكسب الذي ربما تحققه الرياض من استعادتهما، فيقول السيد إنه سياسي بالأساس إذ "ترضي الاتفاقية تطلعات الجماعة الحاكمة في المملكة التي تريد إظهار السعودية بمظهر القوة الأولى في منطقة الشرق الأوسط التي تخشى بأسها القوى الاقليمية الاخرى".

واعتبر المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي أن اهتمام السعودية بالجزيرتين يرجع إلى "أسباب تاريخية أكثر من أي شيء آخر"، إذ أن المملكة اعتبرتهما دائماً أراضي سعودية.

لكنه أضاف أن ترسيم "الحدود يخلق علاقات جيدة بين الجيران، فالآن أصبحت الجزيرتان معنا.. قد يتم اكتشاف حقول نفط أو غاز فيهما، وهذا (الترسيم) يقينا من أي خلافات في المستقبل".