أعلن رئيس تحريره صحيفة "السفير" اللبنانية طلال سلمان أن الجريدة وربما موقعها الإلكتروني أيضاً سيتوقفان نهائياً عن الصدور اعتباراً من 31 مارس/ آذار الجاري، ملقيا باللائمة على تراجع عائدات الإعلانات والانقسامات الطائفية والمذهبية في لبنان والعالم العربي.
بدأت "السفير" عملها في بيروت في 26 مارس/ آذار 1974، وحملت شعار "صوت الذين لا صوت لهم" لكنه لم يكن كذلك دائماً. ويعكس إغلاقها اليوم أزمة واسعة النطاق تعاني منها وسائل إعلام لبنانية منها صحيفتا النهار واللواء.
ويعمل في السفير الآن حوالي 150 شخصاً بين محررين وكتاب ورؤساء أقسام ومخرجين وإداريين. وقال بعض العاملين في الجريدة إن "سلمان أرسل رسالة إدارية قبل أيام يطلب فيها أن يكتب جميع الصحفيين عن تجربتهم الخاصة في المؤسسة، وعن نشأة الجريدة، وأهم المحطات الزمنية والمهنية، وأهم التحقيقات الاجتماعية والبيئية والمقالات السياسية والأمنية ليكون عدد 31 مارس آذار هو العدد الأخير الذي سيصدر للصحيفة"، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
وقد ألقى رئيس التحرير سلمان باللائمة على التطور التكنولوجي للمواقع الالكترونية وتراجع عدد قراء الصحف الورق بشكل ملموس السنوات الماضية، وانخفاض الإعلانات على الورق؛ لكنه أشار أيضاً إلى ما يعانيه لبنان من مشاكل طائفية: "كلما زاد التوزيع في غياب الإعلان كلما نخسر أكثر. يوجد نقص فاضح في الإعلان. يوجد نقص نتيجة الانقسام الطائفي والمذهبي." معتبراً أن هنالك "على الأقل ثلاث صحف إذا لم تفعل مثلنا فهي مهددة أن تفعل كما فعلنا ومن بينهم النهار واللواء." حسب قوله.
ومع إغلاق صحيفة "السفير" تبقى جريدة "الأخبار" أبرز الصحف اللبنانية المتبقية الداعمة لميليشيا "حزب الله"، ونظام الأسد، ولفتت أوساط إعلامية لبنانية إلى أن الميليشيا فضلت دعم "الأخبار" والإبقاء عليها بدلاً من السفير.
لكن هناك من له رأي آخر؛ إذ تعتبر جريدة "السفير" من أبرز الصحف اللبنانية وأكثرها دفاعاً وموالاةً لميليشيا "حزب الله" اللبناني ونظام بشار الأسد حيث دأبت الجريدة منذ بدء الثورة السورية على دعم الأسد، وتبرير تدخل حزب الله في سوريا، فضلاً عن أنها ساهمت في نشر وجهة نظر النظام القائلة بأن المعارضة عبارة عن "جماعات إرهابية".
فمع دخول الثورة السورية التي يصفها مراقبون كثر "بالثورة الكاشفة"، أظهرت "السفير" ميولاً غير معهودة نحو قتلة الشعب السوري، حيث رأى متابعون عتيقون للجريدة أنها "اصفرّت" بعد انحيازها التام لحزب الله الذي انضم لقتال الشعب السوري إلى جانب قوات نظام الأسد، وتحوّل من مقاومة للاحتلال الإسرائيلي إلى مليشيات قتل طائفية عابرة للحدود.
ويرى موقع "جنوبية" الشيعي المعارض لسياسة حزب الله أن لقرار الإغلاق خلفيات أخرى مرتبطة بالقرارات الخليجية والأمريكية بحصار حزب الله المصنف إرهابياً، إذ يخشى صاحب السفير طلال سلمان والمساهمون فيها ومن بينهم الأمريكي–السوري جمال دانيال والرئيس نجيب ميقاتي على ثروتهم من الخط السياسي لهذه الصحيفة.
وقد قال المحامي اللبناني نبيل الحلبي: "رح تقفل السفير ومن بعدها الديار والأخبار والثورة وتشرين والبعث (صحف لبنانية وسورية رسمية)... ورح تبقى أصوات الأحرار بالوطن العربي... صوت الذين لا صوتَ لهم"، في إشارة إلى شعار "السفير" (صوت من لا صوت له) الذي ظل حبراً على ورق.
وبلهجة أقل حدة، قال نديم قطيش: "إنّ خبر إغلاق السفير نهائياً خبر محزن. محزن لمن يعتبر الكلمة والمشاكسة والتنوع جزء من حياة المدن. أختلف مع السفير وفقدت احترامي تدريجياً لها، لكن غيابها سيغير الكثير من نكهة الصباحات ونكهة الاشتباك السياسي والاعلامي".
هذا وقد نشرت السفير خبراً الاثنين الماضي حول الحالة الصحية للعاهل السعودي أثارت تساؤلات، إذ اعتبر السفير السعودي في بيروت أن ذلك "يعكس حالة الضياع والارتباك التي وصلت إليها الصحيفة المذكورة؛ نتيجة الصعوبات المادية التي تعاني منها"، بينما رأى البعض أنه رسالة لطلب دعم مادي من حزب الله؛ الأمر الذي لم يتم على ما يبدو.