اليأس يجعل اللاجئين من جديد فرائس لجشع المهربين

ديلي صباح ووكالات
اسطنبول
نشر في 16.03.2016 00:00
آخر تحديث في 16.03.2016 11:33
اليأس يجعل اللاجئين من جديد فرائس لجشع المهربين

بعد أن وصل عبد الله سالم أرض جزيرة لسبوس اليونانية، عابراً البحر من تركيا، ركب العبارة حتى ميناء بيراوس، بالقرب من أثينا. هناك سرعان ما اقترب منه شخص يرتدي جاكيتاً أسوداً وهمس بأذنه في حين بدأ لاجؤون آخرون يتجمعون: "الطريق من اليونان إلى ألمانيا مغلقة... بإمكاني توصيلك إلى هناك عبر إيطاليا، مقابل 2500 يورو فقط. الطريق مكفولة".

لكن عبد الله، وهو سوري عمره 23 سنة، نزح هرباً من قمع النظام وهرباً من الخدمة العسكرية، لم يكن يملك ذلك المال.

بعد أن أغلقت الطريق نحو ألمانيا، علق ما يزيد على 40.000 إنسان في اليونان. واحتمال أن يعاني مئات الآلاف غيرهم من الأفغان والإيرانيين والسوريين والعراقيين وغيرها من الدول الأفريقية والشرق أوسطية، من المشكلة نفسها في تركيا جراء الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي لخفض عدد اللاجئين.

هذا الاتفاق إنما منح المهربين فرصاً جديدة. فقد بدأ هؤلاء يتحرون عن طرق بديلة يُغرون اللاجئين اليائسين بها مهما كانت المخاطر الجسدية أو النفسية.

يقول النائب الأوروبي ومدير الأنتربول: "لا يزال اللاجؤون يريدون الذهاب إلى أوروبا، وستحاول الجريمة المنظمة إيجاد طرق بديلة دائماً". ثم أضاف: "الفرق أنهم سيتحركون في الخفاء، متبعين طرقاً صعبة بسبب التعزيزات الأمنية على الحدود".

المهربون يترصدون اللاجئين في اليونان، لتهريبهم إلى إيطاليا. إما بالقوارب عبر البحر، أو مشياً عبر طرق برية أكثر وعورة في الجبل، عن طريق ألبانيا، ومنها يعبرون نهر الأدرياتيكي إلى إيطاليا. بعض المهربين لديهم طرقاً عبر غابات مقدونيا، أو عبر بلغاريا، فصربيا...

الجميع في مخيم إيدومني، على الحدود المقدونية حيث علق أكثر من 13.000 لاجئ في ظروف قاسية بعد أن أغلقت مقدونيا حدودها، يتحدث عن المهربين. والجميع يعرف أين يجدهم، في فندق هارا أو عند محطة الوقود، على طرف الطريق السريعة.

أمر آخر يخشاه المسؤولون الأوروبيون؛ هو أن تعود الحياة إلى طريق التهريب القديمة عبر ليبيا ومصر، والتي خفّت حدة المرور عبرها بعد أن أعلنت ألمانيا أنها قد تقبل لاجئين عبر التقديم القانوني في سفاراتها العام الماضي. والخشية نفسها يبديها المسؤولون في الدول الاسكندنافية من أن يلجئ المهربون أكثر وأكثر إلى المرور عبر روسيا، أو حتى عبر البحر الأسود، انطلاقاً من تركيا.

حتى الآن، لم يلاحظ أي نشاط على تلك الطرق، لكن السلطات تتحسب لحركة نزوح قد تبدأ مع تحسن الطقس وقدوم الربيع.

وقد أعلنت معظم الدول المعنية تسيير المزيد من الدوريات المشتركة (ألبانيا وإيطاليا)، أو بناء المزيد من الجدران العازلة (بلغاريا التي حصلت على 40 سيارة دفع رباعي هدية من بريطانيا لمساعدتها في ضبط المتسللين وإعادتهم إلى الحدود مع تركيا وصربيا).

مع كل تلك التدابير، ودخول الناتو على الخط، أصبحت تجارة تهريب البشر العام الماضي أسرع تجارة غير شرعية نمواً في أوروبا، وفقاً لتقرير للاتحاد الأوروبي. ويقدر حجم هذه السوق بحوالي 3 بليون إلى 6 بليون يورو. وقد يتضاعف هذا الرقم إنْ استمرت أزمة اللجوء هذا العام على الدرجة التي نشهدها الآن.

"المهربون مثل الثعبان بسبع رؤوس. كلما قطعت لهم رأس، نبت لهم رأسان بدلاً عنه"، يقول المدير العام للأمن في شرطة خفر السواحل اليونانية. ويضيف "أفضل طريقة لاجتثاث هؤلاء المهربين، هي حرمانهم من زبائنهم".

وتحاول أوروبا أن تفعل ذلك بالقول للاجئين أن ليس أمامهم أمل في الوصول إلى أوروبا عبر الطريق التي عبرها مليون إنسان العام الفائت، من اليونان، عبر مقدونيا ثم البلقان...

المشكلة أن الأوروبيين الذين يقولون هذا لا يدركون ما الذي يدفع هؤلاء الناس للسير على تلك الطريق وما يعانونه في بلدانهم من قهر واضطهاد وقمع.