أعطى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضوء الأخضر لتصنيع ونشر جيل جديد من الألغام الأرضية "غير الدائمة" يمكن وقفها أو تدميرها عن بعد بدلا من تركها في الأرض في حالة تشغيل إلى الأبد، في آخر قرارات إبطال سياسات سلفه باراك أوباما.
وقد أعلنت الإدارة الأمريكية الجمعة رفع القيود المفروضة على الألغام الأرضية معتبرة أن التكنولوجيا الحديثة جعلتها أكثر أمنا ما أثار غضب النشطاء المطالبين بحظر هذه المتفجرات التي تشوه آلاف المدنيين كل عام.
وقال البيت الأبيض في بيان "وزارة العدل قررت أن القيود التي تفرضها سياسات إدارة أوباما على القوات الأميركية، يمكن أن تضع القوات في وضع غير مؤات خلال نزاع ضد خصومنا".
وأضاف أن "الرئيس ليس على استعداد لقبول هذه المخاطر على قواتنا ... الرئيس ترامب يعيد بناء جيشنا وهو أقوى من أي وقت مضى".
وكان أوباما قد حظر في 2014 استخدام الألغام المضادة للأفراد مستثنيا تحت ضغط المخططين العسكريين، شبه الجزيرة الكورية حيث تنتشر هذه المتفجرات على الحدود الأخيرة للحرب الباردة مع كوريا الشمالية.
وأمر أوباما ايضا بتدمير مخزونات الألغام المضادة للأفراد غير المصممة للدفاع عن كوريا الجنوبية وقال إن الولايات المتحدة لن تتعاون مع دول أخرى على تطوير الألغام الأرضية.
وقال البيت الأبيض إنه باتت لدى الجيش الأميركي حرية نشر الألغام الأرضية في أنحاء العالم في "ظروف استثنائية".
آلية تدمير ذاتي:
وفي إلغائها التوجيهات السابقة للبيت الأبيض، قالت إدارة ترامب إن السياسات سيضعها الآن البنتاغون الذي أكد استمرار حظر الألغام الأرضية التقليدية التي لا يمكن إبطال تشغيلها أو تدميرها عن بعد.
والألغام الجديدة مزودة بآلية تدمير ذاتي في غضون 30 يوما لكن يمكن تدميرها خلال ساعتين فقط إذا لزم الأمر، وفق ما ذكر فيك ميركادو مسؤول البنتاغون المكلف هذه السياسة، للصحافيين. وفي تقديره لا تتعدى احتمالات فشل عمل آلية التدمير الذاتي ستة في المليون.
وقال وزير الدفاع مارك إسبر إن الولايات المتحدة أخذت بعين الاعتبار سلامة المدنيين لكنها اعتبرت الألغام الأرضية "أدوات مهمة" للجيش.
وأضاف للصحافيين "بنهاية الأمر نريد ضمان أن تكون لدينا جميع الأدوات المتاحة قانونيا والفعالة في ضمان نجاحنا وضمان حماية جنودنا وبحارتنا وطيارينا والمارينز".
حكم إعدام للمدنيين:
من جانبها، عبرت مجموعة "هانديكاب انترناشونال" المدافعة عن الأشخاص المصابين بإعاقات ناجمة عن النزاعات التي تتخذ من فرنسا مقرا لها، عن "الاشمئزاز" لقرار ترامب.
وقالت آن هري مديرة المجموعة إن "إعلان ترامب حول الألغام المضادة للأفراد هو عقوبة إعدام للمدنيين". وأضافت "هناك أعمال حرب خارج كل القواعد. والألغام تدخل في تلك الفئة".
وبعث النائب الديمقراطي جيم ماكغوفرن الناشط المدافع عن قضايا حقوق الإنسان برسالة إلى البنتاغون يعبر فيها عن القلق إزاء التغير.
وقال إن أي ألغام مزودة بآلية تدمير ذاتي يجب أن يسيطر عليها أشخاص، نظرا لأن ميادين المعارك الحديثة والسكان المدنيين يتحركون بسرعة.
وكتب "أفتخر كون الولايات المتحدة لم تعد مصدرا لإصابات ووفيات ناجمة عن هذا السلاح العشوائي". وأضاف "أحضكم بأقوى العبارات الممكنة، على عدم التراجع عن عقود سابقة بشأن الألغام المضادة للأفراد".
وقالت "رابطة مراقبة الأسلحة" وهي مجموعة أبحاث مقرها واشنطن إن الألغام الأرضية "الذكية" لم تعمل، ورفضها حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي.
وقال جيف ابرامسون الزميل في الرابطة إن "العالم تخطى استخدام الألغام الأرضية. وعلى الولايات المتحدة أن تفعل هذا ايضا".
وأكثر من 160 دولة من بينها غالبية دول الغرب، أطراف في معاهدة أوتاوا المبرمة عام 1999 والهادفة لمنع الألغام المضادة للأفراد. ومن أبرز الدول غير المنضوية في المعاهدة الولايات المتحدة وروسيا والصين إضافة إلى الهند وباكستان.
وأوامر أوباما كما أوامر ترامب لا تشمل الألغام المضادة للدبابات غير المحظورة.
ولم تنشر الولايات المتحدة ألغاما مضادة للأفراد في أي طريقة مهمة منذ حرب الخليج عام 1991.
في 2018 فقط دولة واحدة هي بورما وعدد قليل من المجموعات المسلحة استخدمت ألغاما أرضية، طبقا لمرصد الألغام والذخائر العنقودية، الذي يصدر تقريرا سنويا لحساب مجموعة ضغط.
وتوصلت الدراسة إلى أن 6897 شخصا في أنحاء العالم قتلوا أو أصيبوا بجروح من جراء الألغام أو المتفجرات من مخلفات الحرب عام 2018.
وجاء في التقرير أن نحو ثلاثة أرباع الضحايا المعروفة هوياتهم مدنيون، وأكثر من نصف المدنيين أطفال.
وقال الباحثون إن الأطفال معرضون بشكل خاص لخطر المتفجرات التي يمكن أن يعتقدوا خطأ أنها ألعاب.