ترامب ووعوده لإسرائيل في الميزان
- ديلي صباح ووكالات, إسطنبول
- Jan 27, 2017
جرت العادة، كلما ذهب رئيس أمريكي وجاء آخر وكلما تغيرت الإدارة الأمريكية، أن تكثر التكهنات عما ستؤول إليه الأمور في العهد الجديد. وقد تضاعفت هذه التكهنات بسبب شخصية الرئيس الأمريكي الجديد المثيرة للجدل.
بعيداً عن الدول العربية التي رحب أكثرها بالإدارة الأمريكية الجديدة والتي تمنى معظمها إقامة علاقات طيبة ومثمرة مع هذه الإدارة.
هناك إسرائيل. ولعل الراي السائد أن ترامب جاء هبةً لإسرائيل لأسباب عديدة مشهورة. لكن يبدو أن ذلك ليس ما يراه كل اليهود.
ففي مقالة رأي صدرت حديثاً في صحيفة هآرتس، يشكك الكاتب في تلك الأحكام المسبقة. طبعاً الكاتب يتحدث بصفته يهودياً إسرائيلياً يهتم لمصلحة بلاده ويخشى عليها أن يصيبها أذى، أي كان.
يقول الكاتب أن اليهود في أمريكا وفي إسرائيل كانوا مطمئنين للغاية أن ترامب سيكون رئيساً محباً لإسرائيل، مخلصاً وخادماً للقضية اليهودية ولرفاه إسرائيل. والواقع أنهم مخطؤون.
صحيح أنه لم يمض على تسلم الإدارة الأمريكية الجديدة سوى أسبوع، لكن بوسعنا اشتفاف السياسة المتوقعة من خلال بعض الإشارات.
ويضيف المقال؛ من يعتقد أن الرئيس ترامب ملتزم جداً بإسرائيل، فهو مخطئ. ومن يشك بخطئ ذلك عليه العودة إلى خطاب التنصيب حيث يظهر أن ترامب ملتزم بأمريكا وبمصالح أمريكا. فما هو إلا زعيم أمريكي وقد حدد بوضوح "أمريكا أولاً". والمتتبع لخطاب ترامب يدرك أنه لا يرى وراء مصلحة أمريكا أي شيء ولا يؤمن بأي شيء. إذ لم يذكر في خطابه إسرائيل أو أي بلد آخر. والأهم أنه لم يضع إطاراً يحدد في القيم التي تحدد ما هي مصالح أمريكا وما هو ليس بمصالح.
فإن قال قائل أن ما يجمع أمريكا وإسرائيل هو القيم الديمقراطية، فهو مخطئ أيضاً. فترامب قد صرح أنه لا يهمه كيف تختار الدول حياتها ولا النظام الذي تسير عليه.
ويرى الكاتب أن ترامب يدعم الآن إسرائيل حقاً، لكنه يفعل ذلك لأن لأمريكا مصلحة مع إسرائيل. فإن تغيرت مصالح أمريكا في الشرق الأوسط، فلا شيء يمنع ترامب من تغيير سياسته. كأن يعرض بوتين مثلا، صفقة حول إيران تعجب ترامب لكنها لا تعجب إسرائيل.
ومن يعتقد أن ترامب سينقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فهو مخطئ، بحسب الصحيفة.
مع أن أمر النقل ليس بالسهل، لكن لا بد من أمور تمهيدية له. وإن كان لهذا الأمر أن يحدث، فالأجدى أن يحدث في الأيام الأولى لاستلام مقاليد الحكم. إنما من الواضح جداً حتى الآن أن ليس لدى الرئيس ترامب أية نية في استعجال الأمر. وما سيحدث هو إما عملية لا نهاية لها من الدراسات والمُهل، شبيهة بما قامت به الإدارات الأمريكية السابقة، أو حركات رمزية غير ذات قيمة مثل الطلب من السفير الأمريكي أن يقضي وقتاً أطول في القنصلية الأمريكية في القدس.
ثم هناك ابنة الرئيس المنتخب إيفانكا ترامب وزوجها اليهودي الثري جارد كوشنر؛ إذ يخطئ من يعتقد أنهما سيكونان المخلصان لإسرائيل وفي خدمة اليهود أينما كانوا. ويضيف المقال: أمر جميل وهام أن يكون اثنان من العائلة الرئاسية الأمريكية يهوداً، لكن الآمال والتوقعات الملقاة على ذلك مبالغ فيها. صحيح أن وجودهما قد يمنع الرئيس من أن يقوم بعمل مفاجئ أو لا مسؤول في الشرق الأوسط وبخاصة في إسرائيل. إنما قد يشكلا غطاء لتنامي المشاعر المعادية للسامية التي تسود الآن في الولايات المتحدة، وسط الجو المشحون باحتقار والاستهانة بكل ما هو أقلوي أو أجنبي، بتشجيع من الرئيس نفسه.
فإن كان اليهود يقللون من توقعاتهم من الرئيس الأمريكي الجديد، فالأجدر بنا نحن العرب ألا ننجر وراء أمنيات وتمنيات من أن الإدارة الأمريكية الجديدة هي الحل.